لا عجب أن تلاحق إسرائيل إسماعيل هنية، الزعيم السياسي الأعلى لحركة حماس، الذي اغتيل في غارة جوية في طهران يوم الأربعاء. فقد حاولت إسرائيل قتله من قبل، وفي أعقاب الفظائع المروعة التي ارتكبتها حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أوضح الإسرائيليون أن قيادة الجماعة “أموات يمشون على الأرض”.
ولن يؤثر اغتيال هنية بشكل جوهري على مسار الحرب في غزة، لأنه يقيم في قطر، لكن اغتياله سيؤدي إلى “انتكاسة” في محادثات وقف إطلاق النار، مما يقوض بشكل أكبر الآمال في إطلاق سراح الرهائن.
وقال مصدران تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما بسبب حساسية الأمر إن ممثلين عن حماس والجهاد الإسلامي، وكذلك حركة الحوثي في اليمن وحزب الله اللبناني والميليشيات العراقية، سيحضرون اجتماعا في طهران، حيث سيتم إجراء تقييم كامل لإيجاد أفضل السبل وأكثرها فعالية للرد على إسرائيل.
ومن غير المفهوم أن ضربة جوية انطلقت من خارج حدود إيران، من دون أن يتم اكتشافها في يوم تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان.
وحضر هنية وزعيم حركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، إلى جانب ممثلين كبار من حركة الحوثي اليمنية المتحالفة مع طهران وحزب الله، حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد في طهران اليوم الثلاثاء.
ومن ثم فإن “توقيت ومكان” اغتيال هنية يشكلان إحراجاً كبيراً لطهران، ويبعثان برسالة مفادها أن لا أحد في البلاد آمن، وهو ما قد يعني “أنه كان هناك بالتأكيد مساعدة من الإيرانيين داخل إيران”.
ولكن لا يبدو أن وجهة النظر الإيرانية الرسمية تعكس رأي جميع المواطنين، إذ هناك “دعم شعبي إيراني متزايد لإسرائيل”، وحتى أثناء الضربات الإسرائيلية على إيران في منتصف أبريل/نيسان، رحب الإيرانيون بالهجمات، ما دفع طهران إلى إصدار تحذير هددت فيه باعتقال أي شخص يتم ضبطه وهو يدافع عن إسرائيل أو يدعمها.
إن الدعم المتزايد لإسرائيل داخل إيران ليس مجرد حب لها بقدر ما هو تعبير عن الرفض و”الاشمئزاز” من النظام في طهران الذي حكم البلاد منذ عام 1979.
وربما يعني اغتيال هنية أن “الاستبداد الوحشي” في إيران يشكل “تهديداً لأمنها الداخلي”، وأن القمع الذي تمارسه السلطات خلق جيلاً جديداً من الإيرانيين “الذين قد يغريهم الحوافز المالية أو وعود الإقامة خارج البلاد” بالتعاون مع جهات أجنبية ضد النظام.
وتؤكد حوادث سابقة مثل الاستهداف الغامض للعقل المدبر للبرنامج النووي الإيراني محسن فخري زاده في عام 2020، بالإضافة إلى مقتل 6 علماء نوويين، بالإضافة إلى 7 مسؤولين يعملون في مجال الصواريخ والطائرات بدون طيار، ناهيك عن الانفجارات التي حدثت في المنشآت النووية في السنوات الأخيرة، وتسريب وثائق البرنامج النووي الإيراني، وجود شبكات محلية.
إن اغتيال هنية يوجه رسالة “مرعبة” للنظام الإيراني “حول مدى استعداد المواطنين للمخاطرة بالسجن والتعذيب وحتى الإعدام من أجل مساعدة إسرائيل”.
Discussion about this post