في الجنوب قبل الوحدة كان الإعلام هو الصوت المعبر في كافة المجالات وكان له الأثر الكبير في تثقيف الشعب ونقل الأحداث عبر الصحف الرسمية وإذاعة وتلفزيون عدن آنذاك، إلا أن هذه الوسائل تعرضت للتدمير والتهميش بعد المرض. -المصير الوحدة عام 1990م.
“أعلام الجنوب بعد حرب صيف 1994”
وبعد الوحدة المشؤومة، وجد الإعلاميون والصحفيون الجنوبيون أنفسهم مهمشين ومستبعدين كمقاتلين، وتقلصت الفرص أمامهم بشكل كبير، سواء على مستوى الدراسة والتخصص في مجال الإعلام، أو العمل في الإعلام الجنوبي الرسمي. والتي سيطر عليها نظام صنعاء اليمني بشكل كامل، خاصة بعد أحداث حرب الصيف. الـ94 المشؤومة، ومنذ ذلك اليوم أصبح الإعلام موجهاً لخدمة مصالح نظام صنعاء وتوجيهه ضد الجنوب. سعى نظام الاحتلال اليمني إلى تدمير قطاع الإذاعة والتلفزيون في عدن وطمس وتدمير ونهب كل ما يتعلق بهذين القطاعين وإعلان الحرب على صحيفة الأيام وصحيفة الطريق اللذين كانا الصوتين الوحيدين في الجنوب اللذين وينقل مأساة الجنوب ورفض نظام صنعاء منح تراخيص لوسائل الإعلام الجنوبية.
“الثورة الجنوبية والإعلام”
ويمكن التأكيد أن المراحل النضالية التي مر بها الجنوب منذ ما بعد حرب الاحتلال اللعينة لم تحظ بتغطية إعلامية كبيرة، حتى اندلعت ثورة الحراك السلمي في يوليو 2007. ووجد الجنوبيون أنفسهم في حاجة إلى إعلام جنوبي مستقل وحر. ، لإيصال صوتهم إلى العالم، ونقل الأحداث المتسارعة لثورتهم. دون تلوين أو تشويه، وفي هذه المرحلة الثورية السلمية التي مر بها الجنوب، ظهرت القنوات والصحف والمواقع الإعلامية الجنوبية، لكنها سرعان ما اختفت وتراجعت، إما لقلة الإمكانيات أو بسبب تطفلات النظام الحاكم الذي وسعى إلى تدمير كل الأصوات الجنوبية المعبرة والمعارضة، بما في ذلك على وجه الخصوص صحيفة الأيام وقناة عدن لايف، التي كانت تبث من الخارج وكانت باهظة الثمن. وكانت تبث لسنوات قليلة ثم أغلقت، مما دفع الشباب الجنوبي إلى التوجه إلى المنتديات والمدونات على المواقع الإلكترونية، في وقت كان الإعلام الأجنبي حكراً أيضاً على الشماليين، ولم يكن هناك مراسلون جنوبيون لوسائل الإعلام. وكالات الأنباء الخارجية، مثل وكالات الأنباء والقنوات والصحف العالمية، إلا نادراً.
لكن هذا لم يمنع الجنوبيين الذين وجدوا أنفسهم في حاجة إلى الإعلام أكثر من أي وقت مضى، مما أدى إلى إيفاد المزيد من الشباب الجنوبي للدراسة في قسم الإعلام بجامعة عدن وحضرموت والتخصص في مختلف مجالات الإعلام، إلى إيجاد كادر مؤهل ومهني قادر على تمهيد مسيرته المهنية لخدمة قضيته السياسية. عادلاً، وتعبيراً عن ثورته المنتصرة التي بدأت تتوسع وتنتشر.
“حرب إعلامية”
هناك العديد من وسائل الإعلام اليمنية بمختلف انتماءاتها (الإخوانية، العفاشية، الحوثية)، تحرض ضد أهداف شعبنا الجنوبي العظيم وقضيته العادلة وقيادته. لقد شنوا حرباً إعلامية شرسة في تشكيل الاتجاهات والأفكار والتطرف والإرهاب، حيث أثروا في البرامج والأفلام والأخبار التي يقدمونها عن الأشخاص والأحداث.
تقوم بعض وسائل الإعلام بنشر مشاعر الكراهية والعدوان تجاه الجنوب. ومن ناحية أخرى فإن شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) كوسيلة إعلامية عالمية ساعدت على نشر الأفكار العقائدية المتطرفة والمنحرفة من خلال ظهور فقه جديد من خلال هذه الشبكة، وهو ما يسمى بفقه الإنترنت، بفتاويه المنفردة. مشحونة بالعاطفة والكراهية. ووصل التحريض على العنف إلى حد تجنيد الشباب وخداعهم دون علم أهاليهم وبطرق عديدة.
إن خطورة المرجعيات الدينية والنخبوية المختلفة في اليمن عبر وسائل إعلامها تنبع من استهدافها للثقافة الجنوبية. وذلك بإلغاء الخصوصيات الثقافية وجعلها تابعة لثقافة الشمال، ونشر وشيوع المفاهيم الاجتماعية التي تدل على عداء الجنوب للشمال وتحطيم قاعدة المقدس باستبدال مفهوم الجنوب الحاد في دينهم، وانتهاك القيم؛ ومن ثم خلق عقلية قادرة على تنمية القيم وكسر المحرمات التي تحمي استقرار هذه القيم. باعتبارها النواة الصلبة والمستقرة التي تدور حولها مكونات الهوية الجنوبية وأبرزها العقيدة.
كما قامت وسائل إعلام الاحتلال اليمني بنشر موجة العداء الأخيرة من قبل قوى اليمين بكافة أطيافها ضد الجنوب. فهو ليس استعماراً عسكرياً، ولا غزواً ثقافياً بالمعنى التقليدي. بل هي حملة استئصال ثقافية تستهدف العقيدة الجنوبية. لأن الإيمان مصدر قوة للمواطن الجنوبي.
“تأسيس الإعلام الجنوبي”
وتعرض الإعلام الجنوبي لتدمير ممنهج في منظومته، بدءاً من بنيته التحتية وانتهاءً بطواقمه التي تعرضت للإقصاء والتهميش منذ احتلال الجنوب في يوليو/تموز 1994. إعلان عدن التاريخي في 4 مايو 2017 وشكل إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي مرحلة جديدة في تاريخه لها خصائصها وملامحها ووسائلها.
وبمواقفه خلق المجلس حشدا إعلاميا داعما حوله. ثم قامت القيادة بتدريب 50 إعلامياً في دورات احترافية في جمهورية مصر العربية في أرقى المؤسسات المهنية وبشهادات معتمدة من كلية كامبريدج البريطانية لتعلم فنون الإعلام الحديث. وأثمرت هذه الجهود إعلاما جنوبيا هو الذي يصنع الحدث حاليا، وأصبح قوة لا يستهان بها من خلال جهوده. وكان الجميع، في المقدمة، القوة الداعمة للشباب الجنوبي الوطني الذي تطوع لخدمة شعبه وقضيته وقيادته. الجميع كان درعاً للجنوب وهزم آلة عالمية من الدول والأحزاب والمرتزقة الإعلاميين.
بدأت القيادة الجنوبية إطلاق الإعلام الرسمي مع افتتاح إذاعة هنا عدن في 9 فبراير 2019م وقناة عدن المستقلة في 13 مايو 2019م من العاصمة عدن، ليدخل الإعلام الجنوبي مرحلة جديدة في تطوره، و ثم وضعت استراتيجية للخطاب الإعلامي الجنوبي ترتكز على عدد من الثوابت والأسس، منها التأكيد على مركزية الهوية. الوطنية الجنوبية وتعزيز ثوابت وقيم ومبادئ شعب الجنوب وفي مقدمتها مبدأ التسامح والمصالحة وتوضيح مواقف شعب الجنوب الداعمة للتحالف العربي كما الشعب إن أبناء الجنوب شريك فاعل وأساسي مع التحالف العربي في معركة الدفاع عن المشروع العربي وغيره من الثوابت والمرتكزات، ومن ثم إنشاء قطاعات الإعلام وقطاع الإذاعة والتلفزيون. الصحافة والإعلام الحديث، مركز التدريب والتأهيل الإعلامي، إنشاء عشرات المواقع الإلكترونية الجنوبية، تدريب المئات من الإعلاميين والصحفيين الجنوبيين من الجنسيتين في الداخل والخارج، فضلاً عن فتح قنوات تواصل مع عدد من الإعلاميين العرب. والصحفيين الأجانب لمناصرة قضية شعب الجنوب وإيصال قضيتهم إلى المحافل الدولية.
أنشئت هيئات وكيانات صحفية وإعلامية، وأنشئت الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي، وتشكل كيان نقابي مهني يمثل حاضنة لمئات الإعلاميين والصحفيين الجنوبيين، وتوسيع مساحة الحرية، وتأهيل الكوادر الإعلامية والصحفية، و دعم ملكية وسائل الإعلام للمستثمرين والناشطين الراغبين في ذلك، وكذلك إقرار نقابة الصحفيين الجنوبيين للميثاق. الشرف الإعلامي ينظم العلاقة بين وسائل الإعلام.
“مواجهة الإعلام المضاد”
النهج الإعلامي الذي يتسم بالعيب والتشويه والتحريض ضد العرب عامة وضد الجنوب العربي الأصيل، والذي تبناه حزب الإخوان وذراعه الإرهابي تنظيم القاعدة وميليشيا الحوثي ضد الجنوب ودول التحالف العربي، لما لهذه الحرب الإعلامية من أبعاد، وعليه فقد فضح الإعلام الجنوبي الأهداف الحقيقية لذلك الإعلام الحاقد وكشف أهدافه المعادية. وللأمة كما يتطلب من الجميع أن يدركوا حقيقة هذا الإعلام وأن يتوقفوا عندما ينشر ويبث الإشاعات والتحريض على مهاجمة قيادات شعب الجنوب المناضل وشعبنا العربي ومقاومته المتمسكة بالجنوب والوطن. الثوابت الوطنية العربية، وتدافع عن عقيدتها ومقدساتها وهويتها.
لقد حقق الإعلام الوطني الجنوبي عدداً من الإنجازات وقدم الكثير من التضحيات.
في المرحلة الأولى عمل الإعلام الوطني الجنوبي على صد ضربات التضليل الإعلامي والكثير من الأخبار المضللة، وبدأ العمل بطريقة مختلفة عندما انتقل الإعلام إلى مرحلة فضح التضليل الإعلامي والتقنيات التي استخدمت و والرد عليه، حيث استمد الإعلام قوته وعزيمته من القوات المسلحة والمقاومة الجنوبية بقيادة القائد العام. / عيدروس قاسم الزبيدي الذي أعرب عن تقديره لكل الإنجازات الإعلامية. لقد ضحى الإعلاميون بحياتهم أثناء أداء واجبهم، وأصبح كل الجنوبيين مذيعين ومحررين ومراسلين، كما أصبح المواطن هو صانع الحدث.
ومن أجل مواجهة التحديات التي تعيق تقدم قضيته، بذل المجلس الانتقالي الجنوبي خلال السنوات الماضية منذ تأسيسه جهودا كبيرة لتوحيد الخطاب الإعلامي والسياسة الإعلامية. لقد أصبح الخطاب الإعلامي الجنوبي خطابا موحدا من خلال خلق فاعل سياسي متوازن يضم الجميع، بشكل عملي يضمن تطوير خطاب فعال ومرن يشمل الجميع دون استثناء وقادر على تجاوز الخلافات والأزمات التي تنشأ هنا. وهناك، والعمل وفق تفاهمات مشتركة تضمن استمرارية الاستقرار السياسي وتشكل نواة لممارسة الذات الديمقراطية.
“المعالجات”
ويرى المراقبون أن التخطيط الإعلامي الاستراتيجي الشامل يتطلب في الأساس توافر الدعم الإعلامي الاستراتيجي. ولذلك أصبح الإعلام الاستراتيجي من القوى التي تعتمد عليها الدول، لأنه يمثل قدرة الدولة على التواصل مع الجمهور وقدرتها على التأثير فيه، وأن الضعف في ذلك يعني إعطاء الفرصة لإعلام الآخرين للتواصل معهم. الجمهور وبالتالي تشكيله وفق رؤية أخرى قد تكون متناقضة تماماً مع متطلبات الدولة. كما يعني الإعلام الاستراتيجي على المستوى الخارجي القدرة على التواصل مع الجمهور العالمي وتكوين رأي عالمي، مما يتيح الفرصة لتمرير مصالح الدولة على الساحة. ولذلك يرى المراقبون ضرورة تطوير الإعلام الجنوبي بما يواكبه. العصر الحديث والعمل على تدريب وتأهيل الإعلاميين والصحفيين وخلق وسائل إعلام مختلفة قادرة على مواجهة هذه الشائعات والمعلومات المضللة.