ولكي تستعيد الحركات الإسلامية جاذبيتها وتفاعلها مع الشباب، فلابد أن تتبنى استراتيجيات تعكس فهماً عميقاً للتحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي شهدها العالم في العقود الأخيرة. وتتطلب هذه الاستراتيجيات تجديد وتحديث الخطاب الفكري والأنشطة العملية للحركات الإسلامية، حتى تتمكن من التكيف مع التحديات المعاصرة ومتطلبات وتطلعات الشباب، ومن ذلك:
أولاً، لابد أن تتبنى الحركات الإسلامية القضايا التي تهم الشباب المعاصر، مثل العدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، وحماية البيئة. فهذه القضايا تشكل محور اهتمام جيل الشباب اليوم، ومن خلال تبنيها وتقديم حلول عملية لها، تستطيع الحركات الإسلامية أن تعزز من جاذبيتها لدى هذه الفئة. كما تستطيع الحركات الإسلامية أن تبني شبكة عالمية للشباب المسلم، تتيح لهم التواصل وتبادل الخبرات والأفكار.
ثانياً: إن تعزيز الشفافية والمساءلة داخل الحركات الإسلامية أمر بالغ الأهمية لاستقطاب الشباب. ويجب أن تكون هذه الحركات شفافة في أنشطتها وممارساتها، وأن تكون مسؤولة أمام أعضائها ومجتمعها. إن تعزيز الشفافية والمساءلة يعزز ثقة الشباب في الحركات الإسلامية ويشجعهم على المشاركة الفعالة.
إن قبول التعددية داخل الهياكل والمؤسسات الإسلامية أمر ضروري لخلق بيئة أكثر جاذبية للشباب. ويتعين على الحركات الإسلامية أن تعترف بالاختلافات في الآراء والأفكار، مما يخلق بيئة تتميز بحرية التعبير والمشاركة.
ثالثاً: إن إشراك الشباب في صنع القرار والقيادة داخل الحركات الإسلامية يعزز لديهم الشعور بالمسؤولية والانتماء، ولابد أن تتبنى هذه الحركات هيكلاً تنظيمياً مرناً يسمح للشباب بالمشاركة في صنع القرار، ويسمح لهم بالتعبير عن آرائهم بحرية، وهذا من شأنه أن يخلق بيئة تفاعلية تحفز الإبداع والابتكار.
رابعا: إن قبول التعددية داخل الهياكل والمؤسسات الإسلامية أمر ضروري لتعزيز بيئة أكثر جاذبية للشباب، إذ يجب على الحركات الإسلامية أن تعترف بالاختلاف في الآراء والأفكار، مما يخلق بيئة تتميز بحرية التعبير والمشاركة. وتتيح هذه التعددية للشباب المشاركة الفعالة في صنع القرار، مما يعزز شعورهم بالانتماء والمسؤولية تجاه الحركة.
خامساً: يجب على الحركات الإسلامية أن تعمل على تعزيز دور المرأة والشباب في القيادة وصنع القرار، لأن ذلك يعكس التزام الحركات بقيم المساواة ويزيد من جاذبيتها للشباب الطامح للتغيير.
سادساً: يجب على الحركات الإسلامية أن توازن بين العمل السياسي والعمل المجتمعي، فالتركيز على السياسة فقط قد يؤدي إلى نفور بعض الشباب الذين يرون في الحركات الإسلامية مجرد أدوات لتحقيق مصالح سياسية، وبدلا من ذلك يجب على الحركات الإسلامية أن تنخرط في قضايا التنمية والتعليم والصحة، مما يعزز نفوذها الاجتماعي ويجعلها أكثر جاذبية لشريحة أوسع من الشباب والمجتمع.
سابعاً: الانخراط في العمل الاجتماعي المستمد من المفاهيم الإسلامية والذي يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية بغض النظر عن العقيدة أو العرق أو اللون، مما يعزز صورة الحركات الإسلامية كشريك فعال في تحسين الحياة العامة. وهذا النوع من العمل يعزز من تأثير الحركات الإسلامية ويجعلها أكثر قبولاً ودعماً من المجتمع ككل.
والابتعاد عن التطرف والعنف الذي رغم أنه كان جاذبا للبعض في مراحل سابقة إلا أنه أصبح أحد أهم الحواجز بين الحركات الإسلامية والشباب، وهذا يتطلب أيضا التحرك نحو الاعتدال والوسطية التي قد تكون مفتاحا لاستعادة ثقة الشباب.
ثامناً: الابتعاد عن التطرف والعنف، الذي وإن كان جاذباً للبعض في مراحل سابقة، إلا أنه أصبح من أهم الحواجز بين الحركات الإسلامية والشباب، وهذا يتطلب أيضاً التحرك نحو الاعتدال والوسطية، وهو ما قد يكون مفتاحاً لاستعادة ثقة الشباب، فبينما لجأت بعض الحركات الإسلامية في الماضي إلى التطرف كرد فعل على الانتكاسات والتراجعات التي شهدتها، فإن الشباب في العصر الحالي يتطلعون إلى خطاب ديني معتدل، وهذا التحرك نحو الاعتدال يعزز قدرة الحركات الإسلامية على الانفتاح على المجتمعات الإسلامية الأخرى، وحتى على الحضارات العالمية.
تاسعاً: ينبغي للحركات الإسلامية أن تنظم فعاليات وأنشطة تجمع بين الترفيه والتثقيف لتعزيز ارتباط الشباب بالحركة، وتشجيع الشباب على الإبداع والابتكار، وتوفير الدعم اللازم لهم لتحقيق أفكارهم ومشاريعهم، يمكن أن يكون وسيلة فعالة لجذبهم.
عاشراً: على الحركات الإسلامية أن تطور خطابها الفكري ليواكب التحولات الاجتماعية والسياسية التي تشهدها المجتمعات الإسلامية والعالمية، وأن يركز هذا الخطاب على القضايا المعاصرة مثل الحريات والعدالة الاجتماعية والتنمية البشرية، وربط المبادئ الإسلامية بالاحتياجات الحديثة، فهذه القضايا تشكل هموماً كبرى للشباب اليوم، وبالتالي فإن تبنيها يعزز من جاذبية الحركات الإسلامية لديهم.
الحادي عشر: التركيز على القيم الإنسانية المشتركة كالعدل والمساواة والتضامن من شأنه أن يسهم في استقطاب الشباب الباحث عن حركات تعكس هذه القيم. فهذه القيم ليست جزءاً من الإسلام فحسب، بل هي أيضاً قيم عالمية تجتذب فئات واسعة من الشباب الساعين إلى تحقيق العدل والعيش في مجتمع متوازن. وهذا التوجه يتطلب مرونة في التفكير واستعداداً لتبني مقاربات جديدة تتماشى مع طموحات وتطلعات الشباب.
إن التركيز على القيم الإنسانية المشتركة مثل العدل والمساواة والتضامن من شأنه أن يساعد في جذب الشباب الباحثين عن حركات تعكس هذه القيم، فهذه القيم ليست جزءاً من الإسلام فحسب، بل هي أيضاً قيم عالمية.
ثاني عشر: تحسين صورة الحركات الإسلامية على المستوى الدولي من خلال الحوار الحضاري مع الثقافات الأخرى، وهذا من شأنه أن يخفف من النظرة السلبية التي ارتبطت بالحركات الإسلامية في العقدين الأخيرين، ويعزز هذا الحوار صورة الحركات الإسلامية كجزء من الحلول العالمية للتحديات المعاصرة، ويجعلها أكثر جاذبية للشباب المهتمين بالعلاقات الدولية والتواصل مع الآخرين من مختلف الثقافات.
ثالث عشر: استخدام استراتيجيات التسويق الحديثة لجذب الشباب، مثل الإعلانات الرقمية والمحتوى البصري الإبداعي على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يساهم في جذبهم وإشراكهم، ويجب أن تكون هذه الاستراتيجيات واضحة وجذابة، وتتناسب مع اهتمامات واحتياجات الجيل الجديد.
رابع عشر: ضرورة استفادة الحركات الإسلامية من الفضاء الرقمي والتكنولوجيا للتواصل مع الشباب بطرق مبتكرة وجذابة، وتطوير المواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات التفاعلية من شأنه أن يساعد في تمكين الشباب من المشاركة بطرق تتناسب مع أنماط حياتهم الرقمية.
خامس عشر: تعزيز دور الفن والثقافة في نشر الرسائل الإسلامية بطرق جذابة، حيث يمكن أن يساهم في تحسين صورة الحركات الإسلامية واستقطاب الشباب، كما أن دعم المشاريع الفنية مثل الشعر والأدب والمسرح والأفلام الوثائقية يمكن أن يكون وسيلة فعالة للتأثير على الرأي العام.
ومن خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات بشكل متكامل وتفاعلي، تستطيع الحركات الإسلامية استعادة جاذبيتها وتفاعل الشباب معها، ومن ثم استعادة تأثيرها، مما يساهم في بناء جيل ملتزم بالقيم الإسلامية وقادر في نفس الوقت على التعامل مع تحديات العصر بكفاءة.