وكان سقوط نظام الأسد بالشكل الذي حدث مفاجأة للجميع، بما في ذلك فصائل الثورة السورية المسلحة نفسها، التي كانت تأمل وترغب في تحرير مدينة حلب خلال 6 أشهر إلى سنة، بحسب ما قاله المرصد السوري لحقوق الإنسان. تصريحات أحد القادة الميدانيين في هيئة تحرير الشام المشاركين في عملية “ردع العدوان”. “.
بعد سقوط نظام الأسد، النظام الذي جثم على صدور الشعب السوري منذ أكثر من خمسين عاماً، وشكل بالنسبة لهم كابوساً متواصلاً ومرعباً، توالت الأدلة والبراهين تكشف وحشية وسادية النظام. وتوالت الشهادات على وحشية التعذيب في سجونه، ويوما بعد يوم يُعلن عن اكتشاف القبور. جمع جماعي لآلاف الجثث في مختلف المحافظات والمناطق السورية.
ويشعر عامة السوريين المقيمين في سوريا وخارجها بإحساس غامر من الفرحة والبهجة بعد أن تنفسوا أنفاس الحرية، ويجدون أنفسهم يعيشون في بلدهم بعيداً عن مراقبة رجال الأفرع الأمنية ومخبريهم، ودون خوف أو وجل من قمع وملاحقة الأجهزة الأمنية التي كانت تتركهم في حالة من الرعب والفزع المستمر.
بعد انتقال السلطة في سوريا إلى هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع الملقب بـ”الجولاني”، وهو ما يعني طي صفحة الماضي الكئيب، والتحرر من قبضة النظام الدموي، والإحياء من جديد. ويأمل في طرح نموذج جديد في بناء الدولة على أسس مختلفة عن تلك التي كانت سائدة في المجتمع منذ عقود. سوري: كيف سيتفاعل حدث سقوط النظام وصعود الإسلاميين إلى السلطة في سوريا بين عواصم الربيع العربي وغيرها من العواصم العربية؟
ما هي تداعيات نجاح فصائل الثورة السورية المسلحة في حسن استغلال المعطيات والظروف بعد طوفان الأقصى، وإطلاق عملية “ردع العدوان” التي أدت إلى إسقاط النظام، وسقوط النظام؟ تحرير سوريا من قبضة ثورات الربيع العربي التي أجهضت والتحايلت عليها قوى الثورة المضادة والدولة العميقة؟
قد يكون “من الصعب للغاية تخمين الواقع المستقبلي لمنطقة خارج منطقة الشرق الأوسط، والتي تشهد حالة من السيولة واستمرارية الأحداث الكبرى في تحولاتها اليومية. فالتأثيرات المستقبلية تنتج من الأحداث والأحداث التي تحدث في كل لحظة”. كل يوم يختلف عن سابقه، سواء داخل سوريا المليئة بتناقضاتها”. أو الأحداث الساخنة والمحورية المحيطة بسوريا”، بحسب الباحث المغربي المتخصص في العلوم السياسية الدكتور خالد العصري.
وأضاف العصري أن “موقع سوريا الجغرافي والثقافي والتاريخي يجعل جميع القوى الإقليمية والدولية معنية بما يحدث هناك، وتتدخل بأجندات متضاربة ومتناقضة ليكون القرار السوري في النهاية في مصلحة تحالفاتها”. ومن المعروف في الوقت الحاضر أن الدولة السورية في ذروة هشاشتها وضعفهم وهي ترمي بقايا النظام الدكتاتوري إلى مزبلة. التاريخ، لكن من دون أن يعرف أحد هوية الطفل الذي سيحل محله”.
وواصل العصري حديثه إلى“عرب تايم”
بقوله: «كل السيناريوهات واردة، وقد كشفت نتائج الربيع العربي المجهض أن دروس التحول في المنطقة لا تشبه على الإطلاق دروس التحول في أميركا الجنوبية أو أوروبا الشرقية أو ما شابه ذلك. بل هو الانتقال الأصعب والأصعب”.
وتابع: “تأثير سوريا على محيطها سيكون بالنموذج والقدوة، وليس بتصدير الخطابات الثورية ونحوها. وذلك لأن نجاحها على المدى المتوسط في إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين، وتحقيق الاستقرار، والانطلاقة الاقتصادية، وبناء نظام سياسي يمثل مختلف ألوان الطيف المجتمعي.. كل ذلك سيجعل من سوريا بلداً يبني قوته بهدوء واستقلالاً حقيقياً، مما قد يمنحه القدرة مستقبلاً على قيادة دولة عربية. النظام الذي يعيش فراغا قاتلا في مركز قيادتها لبعض الوقت.
د. خالد العصري أكاديمي وباحث في العلوم السياسية مغربي
وأضاف الأكاديمي المغربي العصري “لكن في المقابل، فإن عدم قدرة النظام السياسي الوليد في سوريا على بناء قراراته السيادية التي تخدم الشعب السوري والدولة السورية، سيجعله يسقط في اقتتال داخلي، ويصبح مرتهناً لنظام استبدادي”. نظام عسكري، أو تكون تحت وصاية جهة قوة إقليمية أو دولية”.
وختم أن “القوى الإسلامية وغيرها، من خلال تجاربها الكثيرة، وآخرها ما حدث في سوريا، أثبتت أنها تعرف كيف تطرد المحتل، وكيف تسقط النظام المستبد، لكن ما عجزت هذه الحركات عن فعله على الإطلاق”. إن تحركاتهم في الشرق والغرب تبني دولة حديثة ديمقراطية وقوية وفعالة، وهذا هو الحال”. التحدي أمام الشعب السوري”.
وحول تداعيات نجاح الثورة السورية على ثورات الربيع العربي، قال العصري “إن تداعيات الثورة السورية التي تحولت إلى ثورة مسلحة جددت آمال العديد من الشعوب العربية في تجديد الأحداث الكبرى التي رافقتها”. بداية الربيع العربي المجهض في تونس عام 2011… وكانت سوريا بمثابة وسيلة ممتازة للتوضيح. كل نظام عربي مستبد يشير لجحافل اللاجئين السوريين إلى أن تكلفة التغيير باهظة جداً، وأن ما يتحقق في النهاية هو اللجوء وترك ديارهم في قبضة نظام دكتاتوري يسجن… “كل الأنفاس.”
وأضاف: “لكن المدهش أنه بعد أكثر من عقد من الزمن تحولت سوريا إلى وسيلة تفسير مضاد، لكنها هذه المرة وسيلة توضيح تقارن جدوى فعالية العمل السلمي مع فعالية العمل المسلح”. وهذا مأزق يجب أن تتجاوزه كل القوى العقلانية لأنه يهدد وحدة الشعوب ووحدة الدولة. من الانهيار والانقسام.
من جانبه قال الدكتور أحمد البرسان أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعات الأردنية، إن “سقوط نظام الأسد كان له صدى إيجابي لدى عموم الشعب العربي، على اعتبار أن النظام السوري يشكل حالة خاصة”. بسبب طائفيته وسفك الدماء والقمع الوحشي خلال عقود حكمه، واستعانته بقوى خارجية مثل إيران وروسيا وحزب الله”. الله.. وارتكابه المجازر والمذابح بحق شعبه، كان سقوطه بمثابة الفرحة التي عمت شعوب المنطقة”.
وأضاف: “وكان من تداعيات ذلك رفع معنويات الشعوب التي كانت مظلومة ومسجونة بسبب الثورة المضادة، لذلك يصعب تطبيق ما حدث في سوريا على بقية الدول التي تعرضت لها”. الثورة المضادة، نظرا لضعف التنظيمات في تلك الدول، إلا أن ذلك قد يمنحها روحا إيجابية لإعادة تنظيم صفوفها”. “.
ردا على سؤال “عرب تايم” وعن استفادة فصائل الثورة السورية من تجارب الدول العربية السابقة، أشار البرسان إلى أنهم “استفادوا بالفعل من الثورات المضادة السابقة، وأن سياساتهم الحالية في سوريا تتجه نحو الانفتاح على الدول الإقليمية والدولية، و إعطاء صورة إيجابية، وأنهم لا يريدون أو يسعون إلى تحدي أي من الأنظمة الإقليمية أو الدولية”. بل يسعون إلى حل المشاكل والتعاون مع جميع الأطراف”.
د. أحمد البرسان أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية
وبحسب أستاذ العلوم السياسية البرسان، فإن “الدولة العميقة التي أجهضت الثورات السابقة قد ترى في سقوط الأسد مثالاً لها على الانفتاح والابتعاد عن العصا الغليظة والاستمرار في سياساتها القمعية الفاشلة، لكن هذا يبقى الاحتمال صعب التأكد، لأن الأنظمة المضادة للثورة تظل رهينة مخاوفها، وتستمر”. في سياسة القمع، لكن من الممكن أن تحدث مفاجأة في بعض الدول”.
وختم حديثه بالإشارة إلى أن “أي ثورة تحتاج إلى دعم خارجي، وهذا ما حدث للثورة السورية التي ساعدتها على إسقاط النظام، لكن الدول الأخرى التي أجهضت ثوراتها كادت تفتقر إلى الدعم الخارجي لأسباب متعددة، أهمها وأبرزها أن النظام الحاكم في الأنظمة المضادة للثورة مدعوم من دول خارجية، وحتى الآن ما زالوا يدعمونه ولم يتخلوا عنه”.
وفي السياق نفسه، ربط الصحافي والباحث المصري جمال سلطان بين أحداث الربيع العربي السابقة، مؤكدا أنها مرتبطة ببعضها البعض، إذ أن هناك تأثيرا نفسيا وروحيا بين عواصم الربيع العربي. تونس عصفت بها رياح الربيع العربي، ثم انتقلت بسرعة إلى مصر، ثم إلى ليبيا، ثم إلى اليمن… وكان هذا في أسابيع قليلة».
وتابع: “وهذا ما يجعلنا نتوقع أن ما حدث في سوريا مؤخراً سيكون له تأثيرات وتداعيات على عواصم الربيع العربي السابق، لأنه سيحيي روح الثورة في الأجيال الجديدة، كما يثير الشوق إلى الإصلاح”. لأن حالة القلق الدائم التي تعيشها شعوب المنطقة، واستمرار حالة القمع “إن الممارسات التي تمارسها الأنظمة تكشف أن هذا الجيل القلق ما زال يبحث عن فرص إصلاحية أكثر عقلانية وعدالة واحتراماً لحقوق الإنسان”. حقوق الإنسان، و ومنحهم الحياة الكريمة في منطقتنا العربية”.
جمال سلطان صحفي مصري وباحث في الفكر الإسلامي
وشدد سلطان على أن “ذلك لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عمليات إصلاح حقيقية، وربما حتى تغييرات جذرية، ومن المؤكد أن الحالة السورية ستشكل نموذجاً رائداً ورفعة لثورات الربيع العربي، خاصة وأن القيادة الجديدة في سوريا – كما يتضح من إدارتها للمشهد – أنها استفادت من الأخطاء”. الربيع العربي في عواصمه المختلفة.
وأشاد في ختام حديثه بنموذج القيادة الحالي بجذوره وخلفيته الإسلامية المعروفة في سوريا ما بعد الأسد، “الذي يبدو واعياً تماماً للقوى الإقليمية والدولية المؤثرة والفاعلة على الساحة الداخلية، على عكس القوى الإقليمية والدولية”. الربيع العربي الذي اعتقد أن مشكلته هي مع الطاغية وأن إسقاطه سيكون كافيا لإحداث التغيير، لكنه اكتشف مؤخرا ومتأخرا أن قضيته هي مع البيئة الإقليمية والدولية التي تخلق هؤلاء الطغاة وتحميهم، ويوفر لهم وسائل الحياة و الاستمرارية.