“نشرت الصحيفة”نيويورك تايمزوتناولت الصحيفة الأميركية اللحظات الأخيرة لنظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، مشيرة إلى أنه مع تقدم المعارضة نحو دمشق في 7 كانون الأول/ديسمبر، كان العاملون في القصر الجمهوري منشغلين بالتحضير لخطاب كان من المؤمل أن يقوده إلى حل سلمي للحرب الأهلية. سوري.
ونقلت الصحيفة عن ثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر قولهم: إن مساعدي الأسد كانوا يتبادلون الأفكار حول الرسائل التي سيتضمنها الخطاب. قام طاقم الفيلم بتركيب الكاميرات والأضواء في مكان قريب. وكانت محطة التلفزيون السورية التي تديرها الدولة جاهزة لبث المنتج النهائي: خطاب الأسد الذي أعلن فيه الخطة. تقاسم السلطة مع أعضاء المعارضة السياسية.
وبحسب أحد المطلعين على القصر الرئاسي، الذي يقع مكتبه بالقرب من مكتب الرئيس، فإن الأسد الذي حكم بالخوف والنار، لم يظهر أي علامة انزعاج على موظفيه، أثناء العمل من القصر. وقال المصدر المطلع إنه تم تعزيز دفاعات العاصمة، بما في ذلك من قبل الفرقة الرابعة المدرعة القوية في الجيش السوري، بقيادة شقيق الرئيس ماهر الأسد.
وذكرت الصحيفة أنه “تم خداعهم جميعاً، وبعد غروب الشمس، تسلل الرئيس إلى خارج العاصمة وتوجه سراً إلى قاعدة عسكرية روسية على الساحل السوري ومن ثم إلى موسكو”، بحسب ستة مسؤولين إقليميين وأمنيين.
عرض الأخبار ذات الصلة
وأشارت إلى أن “ماهر الأسد فر يائسا مساء ذلك اليوم مع عدد من القادة العسكريين البارزين وعبروا الحدود إلى الصحراء العراقية، حيث لا يعرف مكان وجودهم، بحسب مسؤولين عراقيين”.
وقال مصدر مطلع، إن “بشار الأسد غادر بلاده في سرية تامة، لدرجة أن بعض مساعديه ظلوا في القصر لساعات بعد رحيله، في انتظار كلمة لم يلقها بعد”. وبعد منتصف الليل، جاءت أنباء رحيل الرئيس، فهربوا في حالة من الذعر، وتركوا أبواب القصر مفتوحة. وأضاف “تم فتحه على مصراعيه أمام قوات المعارضة التي اقتحمته بعد ساعات قليلة”.
وبحسب تقارير سرية اطلعت عليها “نيويورك تايمز”، فإن “هروب الأسد أنهى حكم عائلته لسوريا، الذي امتد لأكثر من خمسين عاما، وهي فترة اتسمت بالديكتاتورية والقمع والقتل”. وحاول الأسد في أيامه الأخيرة الحصول على مساعدات عسكرية من روسيا وإيران والعراق، دون جدوى، حيث وثقت المخابرات العسكرية في جيشه الانهيار المتتالي لقواته.
وسعى دبلوماسيون من عدة دول إلى إيجاد سبل لإزاحته من السلطة سلميا، لتجنيب مدينة دمشق القديمة معركة دامية من أجل السيطرة، بحسب أربعة مسؤولين في المنطقة شاركوا في المحادثات.
وقال أحد المسؤولين إن أحد المقترحات هو تسليم السلطة لقائد الجيش، وهو ما يعني فعليا القبول بالانقلاب عليه.
عرض الأخبار ذات الصلة
وبنت الصحيفة قصتها حول سقوط الأسد، والتي أصبح أغلبها معروفا، من خلال مقابلات مع سوريين وإيرانيين وعراقيين وأتراك، فضلا عن دبلوماسيين في دمشق، ومقربين من الأسد، والمعارضين الذين شاركوا في إسقاطه.
ويحرس مقاتلو المعارضة الآن القصر الجمهوري، لكن منزله تم تنظيفه من اللصوص، وسط غضب السوريين الذين ظلوا موالين له طوال الحرب، حيث تركهم دون كلمة وسلمهم لمصير مجهول.
وقال أحد المقربين من القصر، الذي فر قبل لحظات من دخول المعارضة، عن الأسد: “لقد ضحيت بكل الناس من أجل سلامتك الشخصية”. أما الشخص الذي اختبأ في دمشق من أسياد العاصمة الجدد فلا يزال لا يفهم أو لا يستطيع أن يستوعب هروب الرئيس المفاجئ ويضيف: “إنها خيانة لا أصدقها”.
واستناداً إلى روايات ستة مسؤولين إيرانيين، واصل المسؤولون الإيرانيون الدعوة إلى حل دبلوماسي، لكن القيادة في طهران خلصت إلى أن الأسد لن يبقى على قيد الحياة، وبدأت إيران بهدوء في سحب الدبلوماسيين والمسؤولين العسكريين من دمشق.
وفي مذكرة داخلية للحرس الثوري اطلعت عليها الصحيفة: “أخبرونا أن المقاتلين سيصلون إلى دمشق بحلول السبت ولا توجد خطة للقتال. الشعب السوري والجيش ليسا مستعدين لحرب أخرى. لقد انتهى الأمر.”
وبحسب المصدر من القصر، فإن شعور الذعر لم يصل إلى القصر بعد. الأسد وأعوانه كانوا في مكاتبهم يحاولون إدارة أزمة لم يدركوا خطورتها.
عرض الأخبار ذات الصلة
وقال: “كان الناس لا يزالون يرسمون السيناريوهات، ولم يطرح أحد فكرة سقوط دمشق”.
وقضى موظفو القصر اليوم في انتظار الخطاب الذي كان من المفترض أن يسجله الأسد، على أمل أن يوقف بطريقة أو بأخرى تقدم المتمردين. وقال مصدر مطلع: “كان هناك الكثير من الناس في القصر الذين قالوا إن الوقت قد حان لظهوره لدعم الجيش وطمأنة الناس”.
لكن التصوير كان يؤجل باستمرار دون تفسير. وقال المصدر المطلع إنه بحلول الغسق لم يكن أي من الموظفين متأكداً من مكان وجود الأسد.
وفي ذلك المساء، دخلت المعارضة حمص، مما أدى إلى تفاقم المخاوف من أن دمشق هي التالية. وقال المصدر المطلع في القصر: “بعد سقوط حمص أصبح كل شيء متوتراً جداً جداً ولم يكن أحد يعلم شيئاً لا في القصر ولا خارجه”.
وكان الأسد قد اختار العيش في فيلا بحي المالكي ولم يسكن في كثير من القصور المتوفرة. وقال السكان إنهم سمعوا جنوداً يصرخون: “الحريبة، الحريبة، وصلوا”، ويذكر أحد جيران الأسد أنهم كانوا يصرخون: “لعنة الله، رحل عنا”.
سادت الفوضى فرع المخابرات الجوية في أماكن أخرى من المدينة، وقال جندي ذكر اسمه الأول فقط، محمد، إنه مع اقتراب المعارضة، جاءت الأوامر للدفاع عن العاصمة. لكن الجنود شاهدوا على هواتفهم صورا لرفاقهم في أماكن أخرى وهم يخلعون زيهم العسكري ويهربون.
بحلول الليل تغيرت الأوامر. يتذكر محمد قائلاً: “احرق كل شيء: المستندات والملفات والأقراص الصلبة”. وقال: “في هذه اللحظة، شعرت أنا وزملائي بأن النظام ينهار”. ارتدى ملابس مدنية وخرج. داخل القصر، مرت ساعات بينما كان مساعدو الأسد ينتظرون الخطاب، كما يتذكر المطلع، و”فكرة هروبه لم تخطر على بالي قط”.
وفي منتصف الليل، تلقى اتصالا يفيد بأن الرئيس قد فر. ثم جاء رئيس أمن المنطقة وأخبره أن الحراس فروا وأنه سيغادر. تسلل الخوف إلى المصدر وهو مسرع إلى سيارته، حيث كان القصر هادئا والبوابات مفتوحة، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن الخطاب لم يكن سوى خدعة لصرف انتباه المسؤولين في القصر حتى لا يتمكن الأسد من رؤية الأسد. يمكن أن يتسلل ويهرب. «لقد خدعنا» و«هل ما زال يتمتع بشعبية كبيرة بين قومه؟» لا، بل على العكس من ذلك، لقد فعل ذلك”. “لقد خاننا”.