السؤال الأبرز والأهم الذي تصدر المشهد العربي بشكل عام، والسوري بشكل خاص، خلال الأيام الماضية، هو موقف الثورة السورية والنظام الجديد من الجولان السوري المحتل، وهل هو معقول ومنطقي؟ أن يغض الثوار الطرف عن التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية، ويسكتوا عنه، حتى أنهم لم يصدروا كلمة واحدة؟ تصريح لفظي يشبه التصريحات التي يصدرها بشار الأسد عقب كل عدوان إسرائيلي.
وفي غضون يوم واحد فقط، أي بعد يوم من دخول المتمردين إلى دمشق وانهيار نظام بشار الأسد، احتلت إسرائيل أراضٍ سورية جديدة تبلغ مساحتها أكثر من ضعف مساحة قطاع غزة. توغلت قوات الاحتلال داخل الأراضي السورية بعمق 26 كيلومترا، وفرضت حظر التجول على سكان خمس بلدات محاذية للجولان السوري. كما رفع المحتل العلم الإسرائيلي على أعلى قمة جبل الشيخ لأول مرة منذ 51 عاما، وهو ما دفع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى القول “إنها لحظة تاريخية مؤثرة”.
وفي ثلاثة أيام فقط، دمرت إسرائيل بالكامل 80% من القدرات العسكرية السورية، وأكثر من 90% من قدرات القوات الجوية السورية. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن 350 طائرة مقاتلة هاجمت مواقع من دمشق إلى طرطوس، وتم تدمير عشرات الطائرات وأنظمة الدفاع الجوي والمستودعات. وأكدت الإذاعة أن هذه “أكبر عملية عسكرية تنفذها إسرائيل في تاريخها”.
هناك مشروع إسرائيلي واضح المعالم يهدف إلى التهام الأراضي السورية
هناك عدوان إسرائيلي واضح يستهدف سوريا، وهناك مشروع إسرائيلي واضح المعالم يهدف إلى التهام الأراضي السورية والتغلغل فيها والخروج عن التزامات وقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها في أعقاب حرب أكتوبر 1973، وهذا على الرغم من وحقيقة أن سوريا لم تطلق رصاصة واحدة تجاه الإسرائيليين، منذ بدء معركة “طوفان الأقصى”، حافظت أيضاً على الهدوء على جبهة الجولان طوال الـ 14 شهراً الماضية، وكل هذا يؤكد أن ما تفعله إسرائيل على ال على المستوى الإقليمي لا علاقة له بالرد على هجوم حماس. في 7 أكتوبر 2023، هو مشروع لليمين الإسرائيلي يتم تنفيذه خطوة بخطوة وبعناية كبيرة.
بدأت إسرائيل مشروعها بالحرب على غزة، ثم انتقلت إلى الضفة الغربية، ثم إلى لبنان وحزب الله، والآن إلى سوريا، مما يؤكد أن الإسرائيليين يلتهمون المنطقة ويتوسعون على حساب كل دولها، وهم أيضاً تريد السيطرة بشكل كامل على قدراتها.
وبينما يتم استهداف سوريا بهذا الشكل وبهذا الشكل، كانت المفاجأة أن قائد المتمردين أحمد الشرع أو أبو محمد الجولاني التزم الصمت التام، دون أي تعليق ولو بالتحدث والتأكيد على التمسك بالوحدة. سوريا وسلامة أراضيها. بل كانت الكارثة أنه في لقائه مع… الصحافيين، الذي استمر ثلاث ساعات متواصلة، قال إنه “من غير الحكمة الدخول في مغامرات عسكرية” وتجاهلوا بشكل متعمد وواضح ما يحدث في الجولان وما هي إسرائيل يفعل في بلاده سوريا.
وليس من المعقول أن يحرر الثوار دمشق وهم يتجاهلون الجولان ويسكتون عن المشروع الإسرائيلي الذي يلتهم الأراضي السورية. ولا ينبغي أن تكون دمشق وحلب وحماة أغلى من القنيطرة وجبل الشيخ وسائر الأراضي السورية. المطلوب اليوم من الثوار السوريين هو إعلان موقف واضح من العدوان الإسرائيلي على بلدهم، وإعلان أن أراضي سوريا لا تختلف عن بعضها البعض، بل هي وطن واحد موحد لا يزيد فيه شبر. أغلى من غيرها.
القدس العربية