وثّقت الباحثة والكاتبة اللبنانية غيداء ماجد، السيرة الذاتية للشهيدة الصحافية شيرين أبوعاقلة، في كتاب يجمع أرشيفاً لتصريحاتها وتغطياتها، فضلاً عن عدة شهادات عنها وعن استشهادها.
ويعرض الكتاب الذي أصدرته مكتبة الفلسفة سيرة أبوعاقلة بأسلوب يعتمد على البحث وجمع الشهادات والتقارير. وفي مقدمة الكتاب، تسلط ماجد، التي سبق لها أن نشرت كتابين آخرين، الضوء على التحديات التي واجهتها في توثيق سيرة أبوعاقلة.
وتقول الكاتبة إنها باعتبارها لبنانية مقيمة في لبنان، واجهت صعوبة في التواصل مع الفلسطينيين داخل البلاد المقربين من أبوعاقلة، موضحة: “حاولت جاهدة أن أجد وسطاء لربطها بهم. لكنني بذلت قصارى جهدي لرسم أقرب صورة ممكنة لأبوعاقلة، معتمداً على الشهادات التي أدلى بها”. أشخاص في مقابلات ومنشورات وتقارير سابقة، بالإضافة إلى تقارير ومنشورات أبوعاقلة الخاصة”.
وعن الهجوم على نعش أبوعاقلة، قال ماجد في مقدمة الكتاب: “شلت أفكاري من هول ما رأيت.. كان بمثابة إنذار لي للتفكير في اتخاذ إجراء، رداً على من تعرضوا له”. مرعوباً من جثة في نعش، ومستفزاً بأعلام ذات أربعة ألوان”.
وتابعت: “الشعب الفلسطيني وشعوب المناطق المجاورة، الذين عانوا طويلا من وطأة الاحتلال، لم يتفاجأوا بمحاولة الأخير إسقاط نعش أبوعاقلة أثناء التشييع، لكن المشهد الذي تم بثه على الهواء مباشرة” وأكدت الفضائيات لشعوب العالم أن هذا الكيان الغاصب خالي من كل أشكال الإنسانية. .
وتابعت: “اقتحمت قوات الاحتلال حرم المستشفى الفرنسي في القدس المحتلة، واعتدت على المشيعين على جثمان أبوعاقلة، وحاولت إسقاط النعش، ومنعت رفع العلم الفلسطيني، مما يعكس في هذا المشهد وحشية الاستعمار. “
ويبرز في الكتاب: “كانت ترتدي زيها الصحفي أثناء تغطيتها اقتحام قوات الاحتلال لمدينة جنين عام 2022. وكان من المفترض أن يحميها هذا الزي، لكن الاحتلال تعمد قتلها أمام أعين الصحفيين”. العالم كله. ثم حاولت طمس الحقيقة، كما حدث مع أكثر من 190 صحافياً في غزة”. “.
عرض الأخبار ذات الصلة
وأشارت إلى ما قالته الصحفية الفلسطينية الشهيدة (1971-2022) خلال إحدى مقابلاتها مع قناة الجزيرة، والذي يعتبر أبوعاقلة من الجيل الأول من مراسليها الميدانيين: “اخترت الصحافة لكي أكون قريبة من الناس. قد لا يكون من السهل تغيير الواقع، لكن على الأقل أنا قادر على ذلك». لإيصال هذا الصوت إلى العالم.”
تقول لينا أبوعاقلة عن خالتها: “إن عمل شيرين وإنجازاتها كان السبب وراء حصولي على درجة البكالوريوس في الدراسات السياسية والاتصال الإعلامي. (…) لم تكن مرشدتي فحسب، بل كانت أيضًا صديقتي المقربة وأمي الثانية. كنت قلقة على سلامتها. لكنني لم أتخيل أبدًا أنني سأفقدها بهذه الطريقة القاسية. لقد كانت صديقتي المفضلة، والتي استمتعت بالسفر معها أكثر من غيرها، وكانت تقدم لي دائمًا حلولاً واقعية لأي مشاكل أواجهها.
ويتابع الكاتب: “أبوعاقلة التي اغتالتها برصاص الاحتلال الإسرائيلي عام 2022، كانت تدرك أن الصحافة كما تجعلها قريبة من الناس، فهي أيضًا تجعلها أقرب إلى الموت تحت الاحتلال”.
وأضافت: “أبوعاقلة لم يكن الصحافي الأول الذي يقع ضحية الجريمة الصهيونية، فقبل استشهادها، وبحسب تقرير صادر عن منظمة مراسلون بلا حدود، تعرض أكثر من 144 صحافياً فلسطينياً وأجنبياً لاعتداءات الاحتلال”. القوات أثناء تغطيتها للأحداث في فلسطين”.
وبحسب الكاتب، فقد أسفرت هذه الهجمات عن استشهاد عدد من الصحفيين، من بينهم مذيع “صوت الأقصى” يوسف أبو حسين، الذي استشهد في قصف مدفعي صهيوني استهدف مدينة غزة عام 2021.
وأبرزت: “في عام 2018 استشهد الصحفي أحمد أبو حسين، الذي يعمل في إذاعة صوت الشعب، بعد إصابته برصاص صهيوني متفجر في الرأس والبطن. كما استشهد الصحفي باسل إبراهيم فرج في غزة عام 2009، نتيجة قصف الاحتلال خلال عدوان الرصاص المصبوب. (غزوة الفرقان).”
ولفتت إلى أن: “قائمة أسماء الشهداء الصحافيين طويلة، وتضم عدداً ممن سبقوا أبوعاقلة في الاستشهاد منهم: محمد أبو حليمة، خليل الزبن، عصام حمزة تلاوي، عماد أبو زهرة، محمود الزبن”. – كومي، سامح العريان، عاهد زقوت وآخرون.
عرض الأخبار ذات الصلة
وأكدت: “أبوعاقلة لم يكن الأخير أيضاً. منذ 7 أكتوبر 2023 وأسفرت جرائم الإبادة الجماعية التي شنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة عن استشهاد أكثر من 190 صحفياً حتى الآن، من بينهم: حمزة الدحدوح نجل الصحفي وائل الدحدوح، أحمد بدير، عصام الدحدوح. – لولو، زيد أبو زيد، محمد ياغي، آمنة حامد، ومصطفى عياد، إسماعيل الغول، علاء فوزي برهوم، حيدر إبراهيم، نادية عماد السيد، عبد الرحمن سمير الطناني، حمزة أبو سلمية، حنين محمود بارود وآخرون…”
تجدر الإشارة إلى أن شيرين أبوعاقلة ولدت في القدس المحتلة عام 1971 لعائلة فلسطينية من مدينة بيت لحم. حصلت على الجنسية الأمريكية من والديها، لكنها لم تكن تعيش في الولايات المتحدة، وتوفي والداها قبل وقت قصير من اغتيالها. لديها أخ واحد اسمه توني. أكملت دراستها الثانوية في مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا في القدس.
بدأت دراستها في الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية تلبية لرغبة والديها، لكنها اتجهت فيما بعد إلى الإعلام، وحصلت على درجة البكالوريوس في الصحافة من جامعة اليرموك في الأردن. كما حصلت على دبلوم في الإعلام الرقمي من جامعة بيرزيت في فلسطين.
وبعد عودتها إلى فلسطين عملت في عدة مؤسسات منها الأونروا، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، وإذاعة مونت كارلو، ومؤسسة مفتاح. انضمت إلى قناة الجزيرة عام 1997، وكانت من أوائل مراسليها في فلسطين.
وواصلت أبوعاقلة عملها كمراسلة ميدانية لمدة 25 عاما، حتى يوم استشهادها أثناء تغطيتها لاقتحام قوات الاحتلال لمدينة جنين عام 2022. وشهدت أبوعاقلة عددا من الأحداث المحورية في فلسطين، بما في ذلك الأقصى. الانتفاضة (2000-2004)، واجتياح جنين ومخيم طولكرم عام 2002. والعمليات العسكرية في قطاع غزة.
كما أن أبوعاقلة كانت أول صحافية عربية تدخل سجن عسقلان عام 2005، حيث التقت بالسجناء الفلسطينيين ونقلت معاناتهم للعالم. واعتبرت هذه التجربة من أكثر اللحظات تأثيرا في حياتها.
ويسلط ماجد خلال الكتاب نفسه الضوء على علاقة أبوعاقلة بأصدقائها وزملائها في المحطة، وأسلوب تعاملها معهم، وطريقتها المثالية في التعامل مع التقارير الصحفية. ويقع اختيارها على شهادة الإعلامي جيفارا البديري، من حوار على موقع “راصد” الإخباري، تتحدث فيه عن شيرين. “بعد أشهر من اقتحام آرييل شارون للمسجد المقدس، انتقلت إلى مكتب الجزيرة”.
وتابعت: “وقتها كانت شيرين تدعمني عندما أخبرتها أنني غير قادرة على القيام بتغطيات معينة، لأني أصغر منها بكثير، فبادرت لتحفيزي بقولها: “مع التدريب كل شيء سيتغير”. يحدث.”
وأضافت: “على مدى ثلاثة وعشرين عاماً، كانت المواضيع التي تناولناها تدور حول الجدار، والاستيطان، والأسرى، والشهداء، وسرقة الأراضي، وفصل وعزل القدس، ورفع الوصاية الهاشمية عن المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتحديداً القدس”. – المسجد الأقصى…”
عرض الأخبار ذات الصلة
“لم نتمكن من تناول هذه المواضيع من نفس الزاوية في كل مرة، أي التكرار وإضافة المزيد لنفس القصة، لذلك كنا نبحث عن الإنسان في تلك القصص. وهذا ما كانت تبحث عنه شيرين وعلمتنا إياه: ابحثوا عن الإنسان، فهو من سيحكي القصة. وهو الذي سيروي للعالم قصة فلسطين”، بحسب القصة ذاتها.
كما يسلط ماجد الضوء على الجانب الإنساني لأبوعاقلة، وهو الجانب الذي يصعب إخفاؤه بطبيعة الحال. وتعاملت أبوعاقلة مع القضايا التي غطتها بما يتناسب مع مسؤولياتها والتزاماتها الصحفية. لقد نقلتها بموضوعية أمام الكاميرا، بينما تحرص خلفها على أداء واجبها الإنساني دون أن تفتخر بالتزامها به. وهذا ما تؤكده الشهادات التي جمعها ماجد من الفلسطينيين، الذين عمل أبوعاقلة على نقل معاناتهم.