نشرت مجلةمكافحة لكمة“تقرير يتناول تهديد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بفرض ضرائب على واردات الدول التي تسعى للتخلي عن الدولار كعملة احتياطية، موضحا الأسباب التي تجعل هذا التهديد غير منطقي، ويناقش سوء فهم ترامب لمفهوم العملات الاحتياطية و وتأثير ذلك على التجارة العالمية، حيث يمكن أن تؤدي سياساته إلى نتائج عكسية تضر بالاقتصاد الأمريكي أكثر من الاقتصاد الصيني.
وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته “عرب تايم”، إن ترامب هدد الأسبوع الماضي على موقعه الإلكتروني “تروث سوشال” بأنه سيفرض ضرائب بنسبة 100 بالمئة على الواردات من أي دولة لا تأخذ تعهدا بعدم التخلي عنها. الدولار كعملة احتياطية.
لكن التهديد كان غريبا لعدة أسباب. ويبدو أن التخيل أن دول البريكس وحلفائها كانوا ينشئون عملة بديلة للدولار، وهو أمر صعب للغاية بالنظر إلى أن هذه المجموعة ليس لديها سوى القليل من القواسم المشتركة بخلاف الشعور بالتهميش من قبل الولايات المتحدة وأوروبا الغربية والمؤسسات الدولية التي تتعامل معها. خلقت. كما أن الاتفاق على قواعد العملة المشتركة ينطوي على قدر كبير من المساومة، وهو أمر صعب حتى بين البلدان ذات الاقتصادات والتاريخ والثقافة المتشابهة. ويبدو أن جمع هذه المجموعة معًا في عملة مشتركة أمر بعيد المنال حتى بعد عقد من الزمن.
عرض الأخبار ذات الصلة
ما الفرق إذا قاموا بإنشاء عملتهم الخاصة؟
وأشارت المجلة إلى أن جهل ترامب بقضايا التجارة والتمويل يبدو واضحا في هذه القضية. أولا، لا توجد عملة احتياطية واحدة؛ لا يوجد قانون يشترط أن تتم جميع المدفوعات الدولية بالدولار، وفي الواقع الكثير منها لا يتم بالدولار، وإذا وجدت الشركات أنه من الأنسب لها البيع باليورو أو الين، فلا يوجد ما يمنعها من ذلك. القيام بذلك.
كما تحتفظ البنوك المركزية بعملات احتياطية لتغطية المدفوعات الدولية ودعم عملتها في حالة حدوث أزمة، والدولار هو العملة الاحتياطية المهيمنة، لكنها ليست العملة الاحتياطية الوحيدة، إذ تحتفظ البنوك المركزية أيضًا باليورو، الجنيه البريطاني. والين الياباني، وحتى الفرنك السويسري، لذا فإن رغبة ترامب في مراقبة حيازات البنوك تبدو مركزية العملات لمراقبة أي انخفاض في حيازات الدولار سياسة تجارية غريبة للغاية.
إن الدولار كعملة احتياطية يقوض حلم ترامب في التجارة المتوازنة
وأوضحت المجلة أن أهمية الدولار كعملة احتياطية رائدة في العالم تكمن في أنه يزيد الطلب على العملة وبالتالي يرفع قيمتها مقارنة بالعملات الأخرى، وهذا يجعل البضائع المستوردة أرخص بالنسبة للناس في الولايات المتحدة.
لكن صعود الدولار كعملة احتياطية رائدة قد يتعارض مع أهداف سياسة ترامب التجارية؛ ويبدو أن ترامب يريد أن تتمتع الولايات المتحدة بتجارة متوازنة أو حتى فائض تجاري.
وارتفاع قيمة الدولار يقوض بشكل مباشر الجهود المبذولة لتحقيق هذا الهدف، لأن ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى يجعل الواردات أرخص بالنسبة للناس في الولايات المتحدة، وهذا يعني زيادة الواردات بشكل كبير.
إذا كانت قيمة الدولار أعلى مقابل العملات الأخرى، فهذا يعني أن الأجانب سيضطرون إلى استخدام المزيد من عملتهم لشراء الدولار، وهذا يجعل الصادرات الأمريكية أكثر تكلفة بالنسبة لهم، وهو ما يقلل بدوره من الصادرات الأمريكية إلى الدول الأجنبية.
وإذا زادت الواردات وانخفضت الصادرات، فإن العجز التجاري سيكون أكبر. وهذا يعني أن سعي ترامب للحفاظ على مكانة الدولار كعملة احتياطية رئيسية يتعارض تماما مع هدفه المتمثل في خفض العجز التجاري.
إن تعريفة ترامب بنسبة 100% تهدد الولايات المتحدة أكثر من الصين
وذكرت الصحيفة أن السوق الأمريكية مهمة للغاية بالنسبة للصادرات الصينية، لكن من الصعب اعتبارها عاملا أساسيا لازدهار الاقتصاد الصيني. واستوردت الولايات المتحدة بضائع صينية بقيمة 322 مليار دولار حتى سبتمبر/أيلول، ومن المتوقع أن تصل إلى 430 مليار دولار بحلول نهاية العام. وفي المقابل، يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 37.1 تريليون دولار من حيث تعادل القوة الشرائية و18.3 تريليون دولار من حيث سعر الصرف، مما يجعل الصادرات إلى الولايات المتحدة تشكل 1.2% و2.3% من الناتج المحلي الإجمالي حسب كل مقياس.
وذكرت الصحيفة أن مقياس تعادل القوة الشرائية يعتمد على الأسعار الموحدة عالميا للسلع والخدمات، فيما يعتمد مقياس سعر الصرف على تحويل الناتج المحلي الإجمالي للعملة المحلية إلى الدولار بسعر الصرف الحالي. وأضافت أن الفجوة بين المعيارين ترجع إلى انخفاض أسعار العديد من الخدمات في الصين مقارنة بالدول الغنية، مثل استئجار الشقق أو الفحوصات الطبية.
عرض الأخبار ذات الصلة
تأثير خسارة السوق الأمريكية على الصين والولايات المتحدة
وأشارت الصحيفة إلى أن مقياس تعادل القوة الشرائية مناسب لمقارنة مستويات المعيشة، لكن مقياس سعر الصرف أكثر دقة لتحليل تأثير خسارة الصين للسوق الأمريكية، حيث يتم تسعير البضائع المباعة دوليا بأسعار قريبة من الأسعار العالمية، وهو ما يجعل فقدان الطلب أكبر من النسبة التي يعكسها مقياس تعادل القوة الشرائية.
وأضافت أنه في أسوأ السيناريوهات، إذا خسرت الصين سوق التصدير الأمريكية بالكامل، فقد يتراجع الطلب في اقتصادها بنسبة 2.3 بالمئة دون الأخذ في الاعتبار التأثيرات المضاعفة، وهو تأثير كبير لكنه لن يؤدي إلى انهيار الاقتصاد العالمي. اقتصاد. وأشارت إلى أن أزمة فقاعة الإسكان الأمريكية بين عامي 2006 و2008 تظهر أن انخفاض حصة البناء السكني بمقدار 4 نقاط مئوية أدى إلى ركود حاد في الولايات المتحدة.
وأكدت الصحيفة أن نقص الطلب يمثل المشكلة الرئيسية هنا، وهو أمر يمكن للحكومة الصينية معالجته من خلال زيادة الإنفاق الحكومي، كما فعلت الولايات المتحدة من خلال حزمتي التحفيز في عهد أوباما وبايدن. ورغم وجود عقبات سياسية قد تعيق ذلك في الصين، إلا أنه لا توجد معوقات اقتصادية لتعويض الطلب المفقود.
ورجحت الصحيفة أن الصين قد تلجأ إلى إجراءات مشابهة للتجربة الأميركية، مثل توزيع شيكات مالية على المواطنين، وهو ما من شأنه أن يجعل الأزمة أبعد ما تكون عن وصفها بالكارثية.
أما الولايات المتحدة، فأشارت الصحيفة إلى أنها ستواجه أضرارا أكبر، حيث ستتحمل تكلفة إضافية تبلغ نحو 40 بالمئة لإحلال الواردات الصينية، أي ما يعادل 170 مليار دولار سنويا، أو 1400 دولار لكل أسرة.
وخلصت الصحيفة إلى أن التأثير سيكون أسوأ على الولايات المتحدة التي ستعاني من ارتفاع التكاليف، بينما تستطيع الصين تعويض الطلب المفقود من خلال سياسات اقتصادية مباشرة، على غرار ما واجهته الولايات المتحدة خلال أزمة سلسلة التوريد أثناء الوباء.