ما يحدث للشعب الفلسطيني في غزة يفوق الخيال، نتيجة ارتكاب الاحتلال مجازر على مدار الساعة، وحرب الإبادة والتجويع في الشمال، حيث يفرض الاحتلال حصارًا خانقًا وتجويعًا، في ظل استمرار الاحتلال القصف الدموي وتفجير المنازل فوق رؤوس سكانها.
وتواجه غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، بلغت ذروتها مع تحذيرات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أن مئات الآلاف من الفلسطينيين مهددون بالموت جوعاً وعطشاً في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون شمال غزة، نتيجة قرار الاحتلال المعلن والمنفذ بمنع وصول أي مساعدات أو بضائع إليهم منذ أسابيع.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي في بيان له، أن نحو 200 ألف فلسطيني في محافظة شمال غزة، لم يتمكنوا منذ أكثر من 45 يوما كاملا من الحصول على أي مواد غذائية أو مياه شرب، نتيجة حصارهم داخل منازلهم أو مراكز الإيواء. التي يلجأون إليها، في وقت يواصل فيه الاحتلال غزوه. وارتكبت قوات الاحتلال جرائم مروعة راح ضحيتها المئات، بالإضافة إلى دمار واسع للمنازل والمباني السكنية.
وقال الأورومتوسطي إن من ينجو من القصف المكثف يتعرض للتهديد من قبل الاحتلال بقتله جوعاً وعطشاً، وهو ما يعكس نية واضحة لاستخدام التجويع كسلاح قتل وفرض ظروف معيشية تهدف إلى تدمير الفلسطينيين في غزة بشكل فعال. قطاع غزة، وذلك ضمن جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من عام.
ويعيش سكان قطاع غزة، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، تحت حصار احتلالي خانق منذ أكثر من 16 عاما، والذي تفاقم مع العدوان الأخير المستمر منذ أكثر من 14 شهرا. وتزامنا مع بدء العدوان أغلق الاحتلال كافة المعابر التجارية والإنسانية تقريبا، ومنع دخول المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والوقود، ما أدى إلى استنزاف المخزون الغذائي في المخازن والمستودعات، وارتفاع كبير في معدلات سوء التغذية ، وخاصة بين الأطفال.
ويعاني أكثر من 80% من سكان غزة من انعدام الأمن الغذائي، في حين أصبح الوصول إلى الحد الأدنى من احتياجات الحياة اليومية حلما بعيد المنال. ومن لا يملك طعاماً لا يستطيع البحث عنه بسهولة، بسبب السيطرة الجوية المطلقة للاحتلال عبر الطائرات بدون طيار والمروحيات الرباعية التي تقصف أو تطلق النار على كل من يتحرك في الشارع أو حتى تخرج رأسه من نافذة منزله. ويغمس معظم الناس الخبز في الشاي لإشباع أنفسهم، حيث أدت ندرة الطعام إلى انتشار المجاعة بين الأطفال وكبار السن.
ولقي العشرات حتفهم بسبب سوء التغذية الحاد، ومع تدمير القطاع الزراعي جراء القصف الهمجي ومنع وصول الإمدادات، أصبحت الأسر تعتمد على الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية التي يمكنها الحصول عليها، والتي لا تصل إلا بشكل محدود وبطيء.
إن حرب التجويع في غزة هي نتيجة مباشرة لسياسات الاحتلال التي تتناقض مع قواعد القانون الإنساني الدولي، وخاصة اتفاقيات جنيف، التي تحرم تجويع المدنيين كوسيلة للحرب. وهذا ما يحتم على المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، التحرك الفوري لإنهاء الحصار ووقف العدوان الغاشم.
وفي هذا السياق، أدى القصف إلى تدمير شبكات المياه والصرف الصحي، مما جعل أكثر من 90 بالمائة من سكان قطاع غزة يعتمدون على المياه غير الآمنة، مما أدى إلى زيادة انتشار الأمراض وسوء التغذية.
ومن المؤسف أن كل الأخبار ومشاهد الدمار وحرب الإبادة ونداءات الاستغاثة المتكررة لم تحرك الشعور والضمير الإنساني، وظل موقف المجتمع الدولي يتسم بالتردد والعجز، دون أن يحدد موقفا إطار لحل الأزمة. لقد أظهرت عجزها مرة أخرى بسبب استخدام بعض الدول الكبرى حق النقض لدعم الاحتلال. وهو ما حال دون صدور قرارات ملزمة لوقف إطلاق النار.
إن حرب التجويع في غزة هي نتيجة مباشرة لسياسات الاحتلال التي تتناقض مع قواعد القانون الإنساني الدولي، وخاصة اتفاقيات جنيف، التي تحرم تجويع المدنيين كوسيلة للحرب. وهذا ما يحتم على المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، التحرك الفوري لإنهاء الحصار ووقف العدوان. الوحشية وفتح تحقيق دولي في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال.
لا بد من حركة عربية وإسلامية نوعية وغير مسبوقة تستخدم أدوات جديدة للضغط على كيان الاحتلال وحلفائه لوقف حرب الإبادة الجماعية وحرب التجويع ضد أهلنا في قطاع غزة الذين يتضورون جوعاً إلى حد الجوع. موت. لن يغفر التاريخ للعالم، ولا لشعب أمتنا، هذا الإهمال والإهمال والخيانة، وكأن لم تكن هناك طرق وطرق مقطوعة ليُترك شعب غزة وشأنه ويُباد أمام العالم.