أعلن حزب الله اللبناني اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام للحزب، الذي تولى المسؤولية خلفا للسيد عباس الموسوي، الذي اغتالته إسرائيل أيضا عام 1992.
في قصف إسرائيلي بطائرات إف 35 الأميركية وباستخدام ما يقارب 2000 رطل من المتفجرات، اغتالت إسرائيل أشرس وأقوى رجل طالما أزعج الاحتلال وشكل له كابوساً ثقيلاً لا مفر منه على مدى أكثر من ثلاثة عقود.
يعتبر حسن نصر الله المثير للجدل بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، الشخص الأكثر إزعاجا لهما على مدى الثلاثين عاما الماضية بمواجهته المستمرة مع الاحتلال، وعلاقته الوثيقة بإيران، والتطور الكبير لترسانة أسلحته.
حسن نصر الله، الطفل الذي ولد في أغسطس 1960، لم يكن قد أكمل عامه الخامس عشر قبل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، فهاجر إلى النجف في العراق للقاء أستاذه ومعلمه عباس الموسوي الذي لعب دورا كبيرا في تربية حسن نصر الله العقائدية. وبعد عامين اتخذ العراق قراره بطرد حسن نصر الله. يغادر كل الطلاب الشيعة اللبنانيين البلاد، فيعود حسن نصر الله إلى لبنان من جديد وينضم إلى حركة أمل.
وفي عام 1981، التقى نصر الله بالخميني في إيران، الذي كلفه بإدارة الحسبة والإشراف على المصالح الإيرانية في لبنان. وبعد عام واحد، اندلعت الحرب الإسرائيلية واجتاح الاحتلال لبنان في عملية أدت بعد ذلك بوقت قصير إلى تشكيل حزب الله اللبناني. وسارع نصر الله برفقة الموسوي إلى الانضمام إلى الحزب الذي بدأ على الفور في مباشرة العمليات القتالية ضد الاحتلال والمصالح الأميركية.
واختلف نصر الله مع الموسوي في البداية، وتصاعد الخلاف أكثر مع السيد الطفيليلي الأمين العام للحزب آنذاك، فاضطر حسن نصر الله إلى المغادرة إلى إيران، ليعود بعد ذلك بوقت قصير و لينضم إلى أستاذه عباس الموسوي بعد تعيينه في منصب الأمين العام للحزب.
وفي عام 1992، اغتالت إسرائيل عباس الموسوي، وتم تكليف الشاب حسن نصر الله البالغ من العمر 32 عاماً، بمهمة قيادة حزب الله اللبناني. وأصبح الأمين العام الأطول خدمة لحزب الله اللبناني منذ 32 عاما قبل اغتياله مساء أمس على يد الاحتلال الإسرائيلي.
عاش حسن نصر الله مراحل عديدة، وعاش معه لبنان والمنطقة العربية برمتها خلال قيادته لحزب الله اللبناني، وتأرجح خلالها نصر الله بين بطل المقاومة الأول والنموذج الفريد الذي وقف في وجه الاحتلال الإسرائيلي، مع الأطماع الأميركية في المنطقة من خلفه، والرجل الشيعي ذراع إيران صاحب الأطماع اللبنانية والإقليمية. المتعلقة بفرض النفوذ الإيراني على دول الجوار.
وفي عام 2000، انسحب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية في مشهد فريد من نوعه دون اتفاق سلام أو شروط مسبقة. ورفض حزب الله تسليم سلاحه، واعتبره الرأي العام اللبناني والعربي آنذاك بطل النصر الكبير على الاحتلال الإسرائيلي.
اهتم نصر الله بتعظيم دور حزب الله اللبناني في الحياة السياسية، فقام بترشيح ممثلين له في البرلمان عبر الانتخابات، حتى بعد اغتيال رفيق الحريري عام 2005 واتهام الحزب وأمينه العام بالوقوف وراء اغتيال الحريري. إلا أن الحزب شارك في الانتخابات التي تلت اغتيال الحريري وفاز بعدد من المقاعد. أكبر من الانتخابات السابقة.
وفي صيف 2006، كان نصر الله أمام مواجهة جديدة مع الاحتلال الإسرائيلي عندما أمر بتنفيذ عملية على الحدود اللبنانية مع الأراضي المحتلة، قُتل خلالها جندي إسرائيلي وأُسر اثنان آخران. وأعلنت إسرائيل الحرب على حزب الله وقتلت أكثر من ألف شخص من الشعب اللبناني. واستمرت المواجهة 33 يوما.
وفي تلك الحرب تحول حسن نصر الله إلى أيقونة المقاومة العربية. وقد تجسد هذا الشعور في خطاب شهير لنصر الله خلال الحرب عندما تحدث على الهواء مباشرة عن بارجة إسرائيلية تظهر أمام الملايين على الشاشات وتعلن أنها تغرق الآن، مما يجعل هذا المشهد من أكثر المشاهد مشاهدة. ورسخت في وجدان الشعوب العربية والإسلامية كافة باعتبارها لحظة انتصار على البلطجة الإسرائيلية.
بعد الربيع العربي، وتحديداً مع الثورة السورية، انحاز حزب الله إلى جانب النظام السوري في مواجهة شعبه الثائر المطالب بالانتقال الديمقراطي، مما ساهم في إجهاض الثورة السورية.
وبعد 7 أكتوبر أعلن نصر الله مشاركته في الحرب كجبهة دعم للشعب الفلسطيني في غزة، وتسببت صواريخ حزب الله اللبناني في تهجير آلاف المستوطنين الإسرائيليين من مستوطنات الشمال، وهو ما دفع نتنياهو للإشارة أكثر من مرة. ضرورة القضاء على حزب الله من أجل إعادة هؤلاء المستوطنين إلى منازلهم. مرة أخرى.
وبالنسبة للأنظمة العربية والجيوش النظامية فهو الشخص الذي أحرجها بمواجهاته المستمرة مع الاحتلال ودعمه لفلسطين وغزة وشعبها، في حين اكتفى الجميع بغارات جوية هنا وهناك وبيانات إدانة ذلك. لم يرضي أو يكفي.
يعتبر حسن نصر الله المثير للجدل بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، الشخص الأكثر إزعاجا لهما على مدى الثلاثين عاما الماضية بمواجهته المستمرة مع الاحتلال، وعلاقته الوثيقة بإيران، والتطور الكبير لترسانة أسلحته.
فهو بالنسبة لشريحة من الشعوب العربية المضطهدة، ومن بينها الشعب السوري، هو من أغضبهم وانحاز إلى الطغاة في السلطة.
بالنسبة للشعب الفلسطيني، فهو الشخص الذي سانده عندما خذله الآخرون، ووقف إلى جانبه عندما تخلى عنه القريب والبعيد.
وبالنسبة للأنظمة العربية والجيوش النظامية فهو الشخص الذي أحرجها بمواجهاته المستمرة مع الاحتلال ودعمه لفلسطين وغزة وشعبها، في حين اكتفى الجميع بغارات جوية هنا وهناك وبيانات إدانة ذلك. لم يرضي أو يكفي.
لقد رحل حسن نصر الله المثير للجدل على أيدي إسرائيلية، تاركاً وراءه عالماً عربياً يعاني من العربدة الأميركية، والتنمر الإسرائيلي، والارتباك الإيراني، والقهر العربي غير المسبوق.