ووصف ضابط استخبارات إسرائيلي سابق الانفجارات التي وقعت في لبنان الأسبوع الماضي بأنها “جريمة” وإهدار للقدرات، مشيرا إلى أنه كان من المناسب توجيه ضربة قاضية مباشرة لحزب الله.
نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت تقريراً تحدثت فيه عن اللحظة التي كان يمكن فيها للاحتلال أن يقوم باغتيال أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله بشكل مباشر.
ووصف التقرير نصر الله بأنه أحد أعداء إسرائيل الأكثر خطورة، وجاء فيه: “في فترة ما بعد الظهر من يوم 12 يوليو/تموز 2006، وبعد ساعات من أسر حزب الله للجنديين الإسرائيليين إلداد ريجيف وإيهود جولدفاسر، عقد نصر الله مؤتمرا صحفيا قصيرا تفاخر فيه بالعملية”.
عرض الأخبار ذات الصلة
وأوضح أن “الأمين العام للحزب ظهر حينها أمام الجمهور في قلب بيروت، في خطاب عام أمام الكاميرات، وتوجه إلى الإسرائيليين بشكل واضح ومباشر، قائلاً إن الأسرى أصبحوا في مكان آمن وبعيد جداً، وإذا هاجمت إسرائيل لبنان فإنها ستندم كثيراً، وإذا اختارت تل أبيب المواجهة فعليها أن تتوقع المفاجآت”.
وتابع “نصر الله قال لمستمعيه في حينه إن القادة الإسرائيليين في حينه إيهود أولمرت وعمير بيريتس ودان حالوتس كانوا مبتدئين ويفتقرون إلى الخبرة”.
وجاء في التقرير أنه “من المشكوك فيه أن أياً من القادة في إسرائيل كان ليتصور أن إسرائيل في تلك اللحظة بالذات فقدت فرصتها الوحيدة للقضاء على نصر الله خلال حرب لبنان الثانية”.
“كانت هذه هي المرة الوحيدة التي تم فيها الكشف عن مكان تواجد نصر الله، وظهر علناً حتى نهاية الحرب”، كما قال العقيد المتقاعد رونان كوهين، الذي عمل نائباً لرئيس قسم الأبحاث في قسم الاستخبارات. “كان هناك مراسلون لبنانيون وأجانب، ولم يكن خائفاً على الإطلاق. خرج إلى العلن، وأجريت معه مقابلات، وعقد مؤتمراً صحافياً أعلن فيه عن وجوده، وكانت هناك فرصة لتصفيته”.
وقال كوهين “بما أن بداية الحرب كانت متعثرة إلى حد ما، فلم يكن واضحا بعد إلى أين تتجه الأمور”.
عرض الأخبار ذات الصلة
وأضاف “في الساعات الأولى كانت هناك حالة من الفوضى، وكان السلاح يتجه نحو لبنان. وفي ذلك اليوم اتخذت القرارات في الحكومة بالبدء بمهاجمة لبنان. وكانت الفرصة الوحيدة للقضاء على نصر الله تعتمد على قرار سريع من الحكومة، وهذا لم يكن حتى على جدول الأعمال”.
“الأمر الغريب تماما هو أنه على الرغم من التغيير الكبير في سياسة الاغتيالات بعد الانتفاضة الثانية، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي لم يجمع معلومات استخباراتية في السنوات التي أعقبت الانسحاب من لبنان في مايو 2000 من أجل هزيمة نصر الله. بعد وقت قصير من الانسحاب، وتحديدا في نوفمبر 2000، اختطف حزب الله ثلاثة جنود من جيش الدفاع الإسرائيلي في مزارع شبعا. في ذلك الوقت، لم تكن إسرائيل مهتمة بتنفيذ أي عمل متطرف، وكانت سياسة الحكومة هي تحقيق الاستقرار على الحدود وعدم التسبب في تصعيد”.
وأضاف: “حتى في السنوات التي سبقت أسر الجنديين في يوليو/تموز 2006، لم يتم جمع أي معلومات استخباراتية تهدف إلى القضاء على نصر الله، مع العلم أن الأخير كان أحد أهداف إسرائيل”.
“عشية حرب لبنان الثانية عام 2006، كانت هناك إمكانية لاستغلال تقاعس نصر الله ومحاولة إيذائه، لكن إسرائيل لم تحاول. وعندما أرادت إسقاطه، كان الأوان قد فات. كان نصر الله تحت الأرض، وكانت الأجهزة الأمنية تتلمس طريقها في الظلام. في الليلة الأولى من حرب تموز، بدأ الهجوم الإسرائيلي في مناطق مختلفة من لبنان، وفي الليلة الثانية، بدأت الهجمات فعلياً في بيروت. وعندما أدرك نصر الله أننا نهاجم هناك، اختبأ حتى نهاية الحرب”.
وقال كوهين: “خلال تلك الفترة جرت محاولات عديدة لمعرفة مكان تواجد نصر الله بالضبط داخل شبكة الأنفاق في بيروت، ومن المفترض أن المكان ليس نفقاً صغيراً، بل أماكن كبيرة تضم غرفة قيادة وسيطرة وتغطي مساحة كبيرة جداً”.
وكشف التقرير أنه “بعد اختفاء نصر الله، بدأ الجيش الإسرائيلي يستثمر موارد هائلة في محاولة لتحديد مكانه والقضاء عليه. وفي اليوم الثامن من الحرب، ألقى الجيش الإسرائيلي 23 طنا من المتفجرات على مخبأ لحزب الله في بيروت، لكن نصر الله تم إنقاذه”.
وأضاف “ثم أطلق سلاح الجو الإسرائيلي كامل مخزونه من قنابل جدام على المكان الذي كان نصر الله فيه، لكنه فشل في الوصول إليه. كما أن 18 عاماً مرت على ذلك الهجوم، ولا بد أننا حققنا تقدماً في هذا الصدد”.
عرض الأخبار ذات الصلة
وقال كوهين “نفذنا هجومين خلال الحرب في محاولة للقضاء على نصر الله. كان الهجوم الأول هائلا وذو قوة تفجيرية كبيرة ولم نحصل حتى على إشارة إذا كنا نسير في الاتجاه الذي نريده. وعندما نظرنا إلى الوراء أدركنا أنه كان في المنطقة التي تعرضت للقصف. وكان الهجوم الثاني في الضاحية الجنوبية لبيروت، لكن قدرة القنابل على الاختراق في ذلك الوقت كانت محدودة. كان الموقع المستهدف عبارة عن نفق اعتقدنا أنه قد يختبئ فيه، لكن القنبلة لم تخترقه. ربما كان هناك انفجار في أعلى المكان، لكن ليس أكثر من ذلك”.
وخلص التقرير إلى القول: “لقد جربنا كل أنواع الأنشطة الخاصة الأخرى، لكن الأمر كان قد انتهى بالفعل. لم تكن هناك قدرة استخباراتية حتى نهاية الحرب، ولكن تم تشكيل فرق خاصة. في الواقع، تم إجراء العديد من المحاولات، لكن الأوان كان قد فات بالفعل. بقي نصر الله في المخبأ ليس فقط حتى نهاية الحرب، بل وأيضًا لفترة طويلة جدًا بعد ذلك”.