يصادف اليوم الاثنين الذكرى الثانية والأربعين لمجزرة مخيم صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، التي راح ضحيتها آلاف الشهداء، ارتكبها الاحتلال وعملاؤه من عملاء وميليشيات مسلحة كحزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي، بين 16 و18 سبتمبر/أيلول 1982.
وقعت المجزرة تحت إشراف وسيطرة قوات الاحتلال، عندما بدأت ميليشيا لبنانية متعصبة مذبحة وحشية استمرت ثلاثة أيام بحق عدة آلاف من اللاجئين الفلسطينيين، إلى جانب المدنيين اللبنانيين، في مخيمي صبرا وشاتيلا بالقرب من العاصمة اللبنانية.
وقد وقعت المذبحة المروعة أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، والذي كان هدفه الرئيسي “سحق منظمة التحرير الفلسطينية المتمركزة هناك”.
وكان أغلب سكان المخيم من عائلات اللاجئين الفلسطينيين الذين تعرضوا للمجازر والتطهير العرقي الممنهج والسرقة على يد العصابات الصهيونية، ومن ثم دولة الاحتلال، ضمن أحداث نكبة عام 1948.
عرض الأخبار ذات الصلة
كيف بدأت المجزرة؟
وبحسب الخطة المرسومة دخلت إلى المخيم ثلاث مجموعات من “الكتائب اللبنانية” بقيادة إيلي حبيقة، كل مجموعة تضم خمسين مسلحاً؛ بحجة وجود مسلحين فلسطينيين داخل المخيم، وبدأت مجموعات “اليمين الماروني” تقترب من سكان المخيم، وبدأت تقتل الجميع من دون تمييز، بشراسة وكراهية، وبكل أنواع الأسلحة، حتى السيوف و”الفؤوس” والسكاكين.
أطفال بعمر ثلاث وأربع سنوات أغرقوا في دمائهم، نساء حوامل شقت بطونهن، نساء اغتصبن قبل قتلهن، رجال وشيوخ ذبحوا وقتلوا، وكل من حاول الهرب قتل. 48 ساعة من القتل وارتكاب أبشع الجرائم ضد الإنسانية، بينما كانت سماء المخيم مغطاة بنيران القنابل المضيئة التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي لتسهيل المهمة.
وكان دور الجيش الإسرائيلي و”جيش لبنان الجنوبي” إغلاق كل مداخل المخيم بإحكام، حتى لا يسمح لأي من سكانه بالخروج حياً، ومنع وسائل الإعلام والصحافيين ووكالات الأنباء من الدخول إلا بعد انتهاء المجزرة وتحقيق أهدافها، واستيقاظ العالم على واحدة من أبشع المجازر في تاريخ البشرية.
وفي أعقاب المجزرة، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن قوات الجيش الإسرائيلي التي كانت تحتل بيروت في ذلك الوقت تحت القيادة العامة لأرييل شارون بصفته وزيراً للدفاع، سمحت لأعضاء ميليشيا الكتائب بدخول المخيمين؛ وأضافت أن العدد الدقيق للشهداء المدنيين لن يُعرف أبداً؛ إذ تقدر الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية العدد بما بين 700 و800 شخص، في حين تؤكد مصادر فلسطينية وغيرها أن عدد الشهداء يصل إلى أربعة آلاف، بما في ذلك الأطفال والنساء والحوامل وكبار السن.
وكشفت أن بعض هؤلاء الضحايا تعرضوا للتمثيل بأبشع الطرق، وتم إخراج أحشائهم قبل أو بعد قتلهم، وبحسب ما أفاد به صحافيون وصلوا إلى موقع المجزرة بعد وقوعها، فقد شاهدوا آثار إعدام شباب.
ونقلت المنظمة شهادة الصحافي توماس فريدمان من صحيفة نيويورك تايمز الذي قال: “رأيت في الأغلب مجموعات من الشباب في العشرينات والثلاثينات من العمر، مصطفين على الجدران، مقيدين من الأيدي والأقدام، ثم تم إطلاق وابل من نيران الرشاشات عليهم على غرار العصابات الإجرامية المحترفة”.
وقالت إن “جميع الروايات تؤكد أن مرتكبي هذه المذبحة الوحشية هم أعضاء في ميليشيا الكتائب، وهي قوة لبنانية تسلحها إسرائيل وتتحالف معها بشكل وثيق منذ اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975”.
وقالت إن عمليات القتل ارتكبت في منطقة خاضعة لسيطرة جيش الاحتلال الذي أقام مركز قيادة متقدما على سطح مبنى متعدد الطوابق يقع على بعد 200 متر جنوب غرب مخيم شاتيلا.
عرض الأخبار ذات الصلة
لجنة تحقيق صورية
وفي فبراير/شباط 1983، أشارت لجنة التحقيق الإسرائيلية في الأحداث التي وقعت في مخيمي صبرا وشاتيلا، وهي لجنة مستقلة مكونة من ثلاثة أعضاء والمعروفة باسم “لجنة كاهان”، إلى أن شارون هو أحد الأفراد الذين “يتحملون المسؤولية الشخصية” عن مذبحة صبرا وشاتيلا.
وكانت التوصية النهائية للجنة هي إعفاء شارون من منصبه كوزير للدفاع، وأن يفكر رئيس وزراء الاحتلال في حينه في إقالته من منصبه “إذا لزم الأمر”.
ورغم الإدانة العالمية للمجزرة، فإن أحداً من المسؤولين عنها لم يتم اعتقاله أو محاكمته أو إدانته، خاصة وأن مجموعة من الناجين رفعوا دعوى قضائية ضد شارون في بلجيكا، لكن المحكمة رفضت النظر في القضية في سبتمبر/أيلول 2003.
Discussion about this post