دراسة تحليلية – جذور الخطاب الأيديولوجي في أزمة جنوب اليمن
عرب تايم – عدن.
أصدر مركز جنوب 24 للأخبار والدراسات، الأربعاء، دراسة موسعة جديدة بعنوان “جذور الخطاب الأيديولوجي في أزمة اليمن الجنوبي”، سلطت الضوء على الأبعاد الفكرية والأيديولوجية التي ساهمت في تعقيد المشهد الجنوبي على مدى العقود الماضية.
ركزت الدراسة على تحليل الأيديولوجيات الوطنية والدينية التي تركت بصماتها العميقة على الهوية السياسية للجنوب قبل وبعد الوحدة اليمنية مع شمال اليمن عام 1990، من خلال دراسة تصريحات وخطابات عدد من الشخصيات والسياسيين الجنوبيين واليمنيين، بالإضافة إلى الرؤى العربية الحديثة.
وتهدف الدراسة التي أعدها الخبير في تحليل الخطاب الإعلامي مبارك عامر بن حاجب، إلى فهم أسباب الأزمة المستمرة، وتتبع تأثير الخطابات الأيديولوجية التي سادت منذ الاستقلال عن الاستعمار البريطاني عام 1967 وحتى اللحظة الراهنة. وركز الباحث على استعراض تطور هذه الخطابات ودورها في تشكيل ملامح المشهد السياسي، مع الإشارة إلى التحولات الكبرى التي مر بها الجنوب.
وبحسب الدراسة فإن تبني النخب الجنوبية للخطابات القومية واليسارية كان بداية مسار معقد أدى في النهاية إلى انهيار مشروع الدولة المستقلة واندماجها في كيان الوحدة اليمنية عام 1990، رغم الاختلاف الواضح في وجهات النظر. النظام السياسي بين الشمال والجنوب. كما كشفت الدراسة كيف استغلت الأحزاب السياسية الشمالية القوى الأيديولوجية لتعزيز نفوذها، مما أدى إلى شن حربين ضد الجنوب.
وفي السياق ذاته، سلطت الدراسة الضوء على ظهور الإسلام السياسي السني من خلال حزب الإصلاح اليمني وجماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى أن استخدام الشعارات الدينية كان أداة فعالة لحشد الجماهير ضد الجنوبيين، خاصة خلال حرب 1994.
كما استعرضت الدراسة تأثير الفكر الشيعي الذي تتبناه جماعة الحوثي المدعومة من إيران ضد الجنوب، وما يتبعه من تهديدات للملاحة البحرية والأمن الإقليمي.
نتائج
وتوصلت الدراسة التي أجراها مركز ساوث24 للأخبار والدراسات إلى نتائج مهمة حول جذور أزمة جنوب اليمن، موضحة أن الأزمة تعود إلى هيمنة الأيديولوجيات الفكرية المستوردة والشعارات القومية العابرة للحدود عقب الاستقلال عن بريطانيا.
وأكدت أن غياب خطاب وطني يعكس مصالح السكان فتح الباب أمام هيمنة الأيديولوجيات الدينية البراغماتية التي دفعت الجنوب للوقوع من جديد تحت “الاحتلال” بحجة الحفاظ على الوحدة اليمنية.
كما أشارت الدراسة إلى أن محو الهوية “العربية الجنوبية” لصالح هوية “اليمن الجنوبي” أدى إلى ظهور وعي سياسي وثقافي منحاز لصنعاء، تعزز من خلال الخطاب القومي العربي والماركسي اليساري. وعمّق هذا الاتجاه فكرة أن الجنوب «فرع» يجب أن يخضع لـ«الأصل» الذي يمثله الشمال، وهو ما تسبب في صراعات داخلية أضعفت الدولة الجنوبية وساهمت في اندماجها القسري مع الشمال في اتفاق الوحدة عام 1990.
كما كشفت الدراسة أن الإفراط في الضخ الأيديولوجي الذي مارسته الطبقة السياسية في الجنوب بعد الاستقلال أحدث انقسامات اجتماعية، مما سهل على الشمال غزو الجنوب عام 1994. وأوضحت أن سوء إدارة الشمال والانتهاكات المرتكبة ضد السكان وأدى إلى اصطفاف جنوبي قوي واجه الغزو الثاني عام 2015.
وأوضحت أن عدم فهم الطبقة السياسية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية للواقع السياسي والاجتماعي في الجمهورية العربية اليمنية كان أحد أبرز أسباب الهيمنة الشمالية على مقدرات الجنوب بعد اتفاق الوحدة. .
كما قالت الدراسة إن الشمال استغل الخطاب الديني المتطرف، سواء السني بقيادة حزب الإصلاح أو الشيعي بقيادة الحوثيين، لتبرير سيطرته على الجنوب من خلال غزوتين متتاليتين بحجة محاربة “الكفر” أو “الإرهاب”.
وأبرزت الدراسة أن هيمنة الأيديولوجيات الفكرية والدينية تركت ندوباً سياسية واجتماعية واقتصادية يصعب التغلب عليها سريعاً، معتبرة أن جنوب اليمن حالة فريدة تعرضت لثلاث أيديولوجيات متتالية ومتضاربة.
واعتبرت الدراسة أن استمرار دعم القوى الشمالية الحالية المختلفة للخطاب الوحدوي بقوة السلاح يعكس عدم إيمانها بعدالة القضية الجنوبية ورفضها الجلوس مع الجنوبيين على طاولة الحوار لحل المشكلة الجنوبية. مصيبة.
وأشارت إلى أن المبادرات الدولية لحل الأزمة اليمنية لا تزال تتجاهل جذور الأزمة الجنوبية، الأمر الذي يثير استياء الجنوبيين الذين يرون أن الحلول المطروحة، مثل المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، لا تمثل ولا تعالج جوهر مشكلتهم.
وأشادت الدراسة بموقف المجلس الانتقالي الجنوبي الرافض للأيديولوجيات الفكرية والدينية المتطرفة والانحياز للمطالب الشعبية الهادفة إلى استعادة الدولة الجنوبية.
التوصيات
وقدمت الدراسة عدة توصيات أهمها النقاط التالية:
• على الجنوبيين تعزيز الخطاب الوطني الجنوبي وإبراز الهوية الوطنية والسياسية المحلية والعمل على الحفاظ عليها.
• حث المجلس الانتقالي الجنوبي، باعتباره القوة الأبرز في المشهد الجنوبي، على بسط سيطرته الكاملة على الأراضي الجنوبية، مع التركيز على الحفاظ على تماسك الحاضنة الشعبية وبناء مؤسسات الدولة. ويجب أن يكون الاتجاه التالي هو المطالبة باستعادة الدولة الجنوبية السابقة عبر القنوات الدولية، بدعم من حلفاء حقيقيين.
• يجب على الدول الإقليمية المجاورة للجنوب تجاوز مرحلة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وتبني خطاب سياسي يعزز التقارب مع المجلس الانتقالي الجنوبي، بهدف معالجة الأزمة الجنوبية قبل تفاقمها.
• يجب على قوى شمال اليمن، سواء الشرعية أو الحوثية، أن تتبنى خطاباً سياسياً وإعلامياً منفتحاً يعترف جدياً بالقضية الجنوبية. ويجب أن يرتكز هذا التوجه على التطورات الناجمة عن الحرب الأخيرة، لضمان تحقيق السلام المستدام في الشمال.
• توصي الدراسة الدول الإقليمية والدولية الراعية لعملية السلام في اليمن بالتعامل بجدية مع الأزمة الجنوبية في إطار التطورات الحالية التي تجاوزت المبادرات السابقة مثل المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي الجنوبيون لا يعترفون.
• أوصت الدراسة المجلس الانتقالي الجنوبي والأحزاب السياسية الجنوبية بعدم تبني أي فكر أيديولوجي عابر للحدود، والاستمرار في التركيز على الوطن والمواطن كأساس أساسي للعمل السياسي والاجتماعي والوطني.
ويمكن الاطلاع على الدراسة كاملة عبر هذا الرابط:
دراسة تحليلية – جذور الخطاب الأيديولوجي في أزمة جنوب اليمن
عرب تايم – عدن.
أصدر مركز جنوب 24 للأخبار والدراسات، الأربعاء، دراسة موسعة جديدة بعنوان “جذور الخطاب الأيديولوجي في أزمة اليمن الجنوبي”، سلطت الضوء على الأبعاد الفكرية والأيديولوجية التي ساهمت في تعقيد المشهد الجنوبي على مدى العقود الماضية.
ركزت الدراسة على تحليل الأيديولوجيات الوطنية والدينية التي تركت بصماتها العميقة على الهوية السياسية للجنوب قبل وبعد الوحدة اليمنية مع شمال اليمن عام 1990، من خلال دراسة تصريحات وخطابات عدد من الشخصيات والسياسيين الجنوبيين واليمنيين، بالإضافة إلى الرؤى العربية الحديثة.
وتهدف الدراسة التي أعدها الخبير في تحليل الخطاب الإعلامي مبارك عامر بن حاجب، إلى فهم أسباب الأزمة المستمرة، وتتبع تأثير الخطابات الأيديولوجية التي سادت منذ الاستقلال عن الاستعمار البريطاني عام 1967 وحتى اللحظة الراهنة. وركز الباحث على استعراض تطور هذه الخطابات ودورها في تشكيل ملامح المشهد السياسي، مع الإشارة إلى التحولات الكبرى التي مر بها الجنوب.
وبحسب الدراسة فإن تبني النخب الجنوبية للخطابات القومية واليسارية كان بداية مسار معقد أدى في النهاية إلى انهيار مشروع الدولة المستقلة واندماجها في كيان الوحدة اليمنية عام 1990، رغم الاختلاف الواضح في وجهات النظر. النظام السياسي بين الشمال والجنوب. كما كشفت الدراسة كيف استغلت الأحزاب السياسية الشمالية القوى الأيديولوجية لتعزيز نفوذها، مما أدى إلى شن حربين ضد الجنوب.
وفي السياق ذاته، سلطت الدراسة الضوء على ظهور الإسلام السياسي السني من خلال حزب الإصلاح اليمني وجماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى أن استخدام الشعارات الدينية كان أداة فعالة لحشد الجماهير ضد الجنوبيين، خاصة خلال حرب 1994.
كما استعرضت الدراسة تأثير الفكر الشيعي الذي تتبناه جماعة الحوثي المدعومة من إيران ضد الجنوب، وما يتبعه من تهديدات للملاحة البحرية والأمن الإقليمي.
نتائج
وتوصلت الدراسة التي أجراها مركز ساوث24 للأخبار والدراسات إلى نتائج مهمة حول جذور أزمة جنوب اليمن، موضحة أن الأزمة تعود إلى هيمنة الأيديولوجيات الفكرية المستوردة والشعارات القومية العابرة للحدود عقب الاستقلال عن بريطانيا.
وأكدت أن غياب خطاب وطني يعكس مصالح السكان فتح الباب أمام هيمنة الأيديولوجيات الدينية البراغماتية التي دفعت الجنوب للوقوع من جديد تحت “الاحتلال” بحجة الحفاظ على الوحدة اليمنية.
كما أشارت الدراسة إلى أن محو الهوية “العربية الجنوبية” لصالح هوية “اليمن الجنوبي” أدى إلى ظهور وعي سياسي وثقافي منحاز لصنعاء، تعزز من خلال الخطاب القومي العربي والماركسي اليساري. وعمّق هذا الاتجاه فكرة أن الجنوب «فرع» يجب أن يخضع لـ«الأصل» الذي يمثله الشمال، وهو ما تسبب في صراعات داخلية أضعفت الدولة الجنوبية وساهمت في اندماجها القسري مع الشمال في اتفاق الوحدة عام 1990.
كما كشفت الدراسة أن الإفراط في الضخ الأيديولوجي الذي مارسته الطبقة السياسية في الجنوب بعد الاستقلال أحدث انقسامات اجتماعية، مما سهل على الشمال غزو الجنوب عام 1994. وأوضحت أن سوء إدارة الشمال والانتهاكات المرتكبة ضد السكان وأدى إلى اصطفاف جنوبي قوي واجه الغزو الثاني عام 2015.
وأوضحت أن عدم فهم الطبقة السياسية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية للواقع السياسي والاجتماعي في الجمهورية العربية اليمنية كان أحد أبرز أسباب الهيمنة الشمالية على مقدرات الجنوب بعد اتفاق الوحدة. .
كما قالت الدراسة إن الشمال استغل الخطاب الديني المتطرف، سواء السني بقيادة حزب الإصلاح أو الشيعي بقيادة الحوثيين، لتبرير سيطرته على الجنوب من خلال غزوتين متتاليتين بحجة محاربة “الكفر” أو “الإرهاب”.
وأبرزت الدراسة أن هيمنة الأيديولوجيات الفكرية والدينية تركت ندوباً سياسية واجتماعية واقتصادية يصعب التغلب عليها سريعاً، معتبرة أن جنوب اليمن حالة فريدة تعرضت لثلاث أيديولوجيات متتالية ومتضاربة.
واعتبرت الدراسة أن استمرار دعم القوى الشمالية الحالية المختلفة للخطاب الوحدوي بقوة السلاح يعكس عدم إيمانها بعدالة القضية الجنوبية ورفضها الجلوس مع الجنوبيين على طاولة الحوار لحل المشكلة الجنوبية. مصيبة.
وأشارت إلى أن المبادرات الدولية لحل الأزمة اليمنية لا تزال تتجاهل جذور الأزمة الجنوبية، الأمر الذي يثير استياء الجنوبيين الذين يرون أن الحلول المطروحة، مثل المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، لا تمثل ولا تعالج جوهر مشكلتهم.
وأشادت الدراسة بموقف المجلس الانتقالي الجنوبي الرافض للأيديولوجيات الفكرية والدينية المتطرفة والانحياز للمطالب الشعبية الهادفة إلى استعادة الدولة الجنوبية.
التوصيات
وقدمت الدراسة عدة توصيات أهمها النقاط التالية:
• على الجنوبيين تعزيز الخطاب الوطني الجنوبي وإبراز الهوية الوطنية والسياسية المحلية والعمل على الحفاظ عليها.
• حث المجلس الانتقالي الجنوبي، باعتباره القوة الأبرز في المشهد الجنوبي، على بسط سيطرته الكاملة على الأراضي الجنوبية، مع التركيز على الحفاظ على تماسك الحاضنة الشعبية وبناء مؤسسات الدولة. ويجب أن يكون الاتجاه التالي هو المطالبة باستعادة الدولة الجنوبية السابقة عبر القنوات الدولية، بدعم من حلفاء حقيقيين.
• يجب على الدول الإقليمية المجاورة للجنوب تجاوز مرحلة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وتبني خطاب سياسي يعزز التقارب مع المجلس الانتقالي الجنوبي، بهدف معالجة الأزمة الجنوبية قبل تفاقمها.
• يجب على قوى شمال اليمن، سواء الشرعية أو الحوثية، أن تتبنى خطاباً سياسياً وإعلامياً منفتحاً يعترف جدياً بالقضية الجنوبية. ويجب أن يرتكز هذا التوجه على التطورات الناجمة عن الحرب الأخيرة، لضمان تحقيق السلام المستدام في الشمال.
• توصي الدراسة الدول الإقليمية والدولية الراعية لعملية السلام في اليمن بالتعامل بجدية مع الأزمة الجنوبية في إطار التطورات الحالية التي تجاوزت المبادرات السابقة مثل المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي الجنوبيون لا يعترفون.
• أوصت الدراسة المجلس الانتقالي الجنوبي والأحزاب السياسية الجنوبية بعدم تبني أي فكر أيديولوجي عابر للحدود، والاستمرار في التركيز على الوطن والمواطن كأساس أساسي للعمل السياسي والاجتماعي والوطني.
ويمكن الاطلاع على الدراسة كاملة عبر هذا الرابط: