ذكريات بدايات المناضل الشجاع فضل محسن عبدالله
كتب – علي صالح الخلقي.
وأذكر عندما كنت صغيراً كنت أدرس حينها في المعلم (الحنان) الذي كان الشكل الوحيد السائد في ذلك الوقت في مدينتي، مدينة الإبداع، كما هو الحال في بقية مناطق يافع. الجبل، وقبل حوالي شهرين من الاستقلال، وصلت مجموعة من أوائل مقاتلي الجبهة الوطنية بقيادة فضل محسن. عبدالله بملابسهم الكاكي، وأسلحتهم التي نرى بعضها لأول مرة كالبندقية والبازوكا. وكانت في نظر الناس أسلحة حديثة فتاكة لم يروها من قبل، وكانت مهمة أطفأ الوفد نار الفتنة وتحمل مسؤولية منطقة الحد في أصعب الظروف حينها. وكانت نقطة البداية وقف وإنهاء الصراعات العشائرية والانتقامية، من خلال عقد المصالحة بين كافة الأطراف وإحلال الأمن والاستقرار، ضمن خطة شملت مختلف مناطق يافا.
وأذكر أن والدي صالح عبد الرب يحيى الخلقي كان قد ألقى كلمة ترحيبية بالوفد، ولا أزال في أرشيفي مسودة كلمة والدي التي كتب منها أقلاماً في إحدى الصحف الوطنية. تصريحات الجبهة التي وزعتها على المواطنين. أما فضل محسن عبد الله، فقد ارتجل خطاباً حماسياً وشاملاً أظهر وعيه. لديه ثقافة عالية. عمل مدرساً في عدن وكان ناشطاً نقابياً بارزاً قبل تأسيس الجبهة الوطنية. وتحدث في كلمته عن أهداف الجبهة الوطنية، ودعا فيها المواطنين إلى المساهمة في تأسيس العهد الجديد من خلال ترسيخ سلطة الدولة التي بدأت الجبهة الوطنية ببناء مؤسساتها من الصفر. واستجاب المواطنون الذين أنهكتهم الحروب القبلية للعهد الجديد ورحبوا بحالة النظام والقانون، وبدأ الاتجاه إلى بناء الطرق وبناء المدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات. وهو ما كانت تفتقر إليه المنطقة من قبل.
واستعادتنا هذه الذكريات عندما فجعنا أمس الثلاثاء 10 ديسمبر 2024م بنبأ رحيل المناضل ورجل الدولة الشجاع المناضل الوطني البارز فضل محسن عبد الله الذي عاش حياة مليئة بالنضال.
عاش شريفاً… ومات زاهداً… ولم يستغل تاريخه النضالي أو المناصب القيادية المهمة الكثيرة التي شغلها لتحقيق مكاسب شخصية. ولم ينهب أو يجتاح الأراضي العامة أو الخاصة، كما فعل بعض مقاتلي «الجيوب» باسم «الجنوب».
ويكفي أن نعرف أنه عاش السنوات الأخيرة من حياته في مبنى متواضع مصنوع من البردن ملاصق للمسجد في مسقط رأسه قرية موريا. ولا يقارن بما يملكه مقاتلون (بحجم وطن) زادت أعدادهم وأطماعهم على حساب الهدف الذي ضحى من أجله الشهداء والجرحى.
فضل محسن عبد الله، المعروف لدى رفاقه من جيل المقاتلين الأوائل بالاسم الحركي (معروف)، كان مقاتلاً فدائياً وقائداً ميدانياً شجاعاً، وأحد مؤسسي الجبهة الوطنية، ومن الذين تولوا قيادة الجبهة الوطنية. أعمال حرب العصابات في عدن. شارك في قيادة المظاهرات وتنفيذ العمليات الفدائية، وكان ممن خلقوا فجر الاستقلال. وطني بالنضال والتضحيات، ثم ساهم في بناء الدولة الوطنية الوليدة في جنوبنا الحبيب.
وكان المناضل فضل محسن عبدالله من هؤلاء القادة الأكفاء والمخلصين والمتحمسين لبناء مؤسسات الدولة. وبعد استقرار الأوضاع في يافع بقيادته، وبناء مؤسسات السلطة المحلية، تولى العديد من المسؤوليات القيادية في حكومة ما بعد الاستقلال، بما في ذلك المحافظ الأول للمحافظة الرابعة (شبوة حالياً) بموجب مرسوم. صدر مرسوم رئاسي في 17 ديسمبر 1967. ثم تولى مناصب بارزة منها: وزير المالية بعد حركة 22 يونيو، رئيس المجلس الأعلى للرياضة، أمين هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، وزير الزراعة، عضو مجلس الشعب. المكتب السياسي أمين الدائرة الاقتصادية باللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني. وترأس اللجنة المالية في محادثات الوحدة اليمنية، وفي حكومة الوحدة ترأس وزارة التجارة والصناعة، وقام بمسؤولياته بشكل جيد في كافة المناصب التي شغلها.
وخلال حرب غزو واحتلال الجنوب صيف عام 1994م، فقد أحد أبنائه في معركة رأس ناقل الربوة في ردفان، ومنعت قوات الاحتلال التي أسماها “القوات الشرعية” من الدخول. حينها، من التقدم نحو يافا، وبسبب تقييماته ومواقفه حينها، عانى الأمرين. طوال حياته المليئة بالتضحية والألم، حافظ على تاريخه النضالي، متواضعًا ومعتزًا بذاته، وهكذا واجه حالته المرضية – في هذا الوقت العصيب – دون الالتفات إليها أو إلى صاحبه الكريم. التاريخ الوطني.
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
ذكريات بدايات المناضل الشجاع فضل محسن عبدالله
كتب – علي صالح الخلقي.
وأذكر عندما كنت صغيراً كنت أدرس حينها في المعلم (الحنان) الذي كان الشكل الوحيد السائد في ذلك الوقت في مدينتي، مدينة الإبداع، كما هو الحال في بقية مناطق يافع. الجبل، وقبل حوالي شهرين من الاستقلال، وصلت مجموعة من أوائل مقاتلي الجبهة الوطنية بقيادة فضل محسن. عبدالله بملابسهم الكاكي، وأسلحتهم التي نرى بعضها لأول مرة كالبندقية والبازوكا. وكانت في نظر الناس أسلحة حديثة فتاكة لم يروها من قبل، وكانت مهمة أطفأ الوفد نار الفتنة وتحمل مسؤولية منطقة الحد في أصعب الظروف حينها. وكانت نقطة البداية وقف وإنهاء الصراعات العشائرية والانتقامية، من خلال عقد المصالحة بين كافة الأطراف وإحلال الأمن والاستقرار، ضمن خطة شملت مختلف مناطق يافا.
وأذكر أن والدي صالح عبد الرب يحيى الخلقي كان قد ألقى كلمة ترحيبية بالوفد، ولا أزال في أرشيفي مسودة كلمة والدي التي كتب منها أقلاماً في إحدى الصحف الوطنية. تصريحات الجبهة التي وزعتها على المواطنين. أما فضل محسن عبد الله، فقد ارتجل خطاباً حماسياً وشاملاً أظهر وعيه. لديه ثقافة عالية. عمل مدرساً في عدن وكان ناشطاً نقابياً بارزاً قبل تأسيس الجبهة الوطنية. وتحدث في كلمته عن أهداف الجبهة الوطنية، ودعا فيها المواطنين إلى المساهمة في تأسيس العهد الجديد من خلال ترسيخ سلطة الدولة التي بدأت الجبهة الوطنية ببناء مؤسساتها من الصفر. واستجاب المواطنون الذين أنهكتهم الحروب القبلية للعهد الجديد ورحبوا بحالة النظام والقانون، وبدأ الاتجاه إلى بناء الطرق وبناء المدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات. وهو ما كانت تفتقر إليه المنطقة من قبل.
واستعادتنا هذه الذكريات عندما فجعنا أمس الثلاثاء 10 ديسمبر 2024م بنبأ رحيل المناضل ورجل الدولة الشجاع المناضل الوطني البارز فضل محسن عبد الله الذي عاش حياة مليئة بالنضال.
عاش شريفاً… ومات زاهداً… ولم يستغل تاريخه النضالي أو المناصب القيادية المهمة الكثيرة التي شغلها لتحقيق مكاسب شخصية. ولم ينهب أو يجتاح الأراضي العامة أو الخاصة، كما فعل بعض مقاتلي «الجيوب» باسم «الجنوب».
ويكفي أن نعرف أنه عاش السنوات الأخيرة من حياته في مبنى متواضع مصنوع من البردن ملاصق للمسجد في مسقط رأسه قرية موريا. ولا يقارن بما يملكه مقاتلون (بحجم وطن) زادت أعدادهم وأطماعهم على حساب الهدف الذي ضحى من أجله الشهداء والجرحى.
فضل محسن عبد الله، المعروف لدى رفاقه من جيل المقاتلين الأوائل بالاسم الحركي (معروف)، كان مقاتلاً فدائياً وقائداً ميدانياً شجاعاً، وأحد مؤسسي الجبهة الوطنية، ومن الذين تولوا قيادة الجبهة الوطنية. أعمال حرب العصابات في عدن. شارك في قيادة المظاهرات وتنفيذ العمليات الفدائية، وكان ممن خلقوا فجر الاستقلال. وطني بالنضال والتضحيات، ثم ساهم في بناء الدولة الوطنية الوليدة في جنوبنا الحبيب.
وكان المناضل فضل محسن عبدالله من هؤلاء القادة الأكفاء والمخلصين والمتحمسين لبناء مؤسسات الدولة. وبعد استقرار الأوضاع في يافع بقيادته، وبناء مؤسسات السلطة المحلية، تولى العديد من المسؤوليات القيادية في حكومة ما بعد الاستقلال، بما في ذلك المحافظ الأول للمحافظة الرابعة (شبوة حالياً) بموجب مرسوم. صدر مرسوم رئاسي في 17 ديسمبر 1967. ثم تولى مناصب بارزة منها: وزير المالية بعد حركة 22 يونيو، رئيس المجلس الأعلى للرياضة، أمين هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، وزير الزراعة، عضو مجلس الشعب. المكتب السياسي أمين الدائرة الاقتصادية باللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني. وترأس اللجنة المالية في محادثات الوحدة اليمنية، وفي حكومة الوحدة ترأس وزارة التجارة والصناعة، وقام بمسؤولياته بشكل جيد في كافة المناصب التي شغلها.
وخلال حرب غزو واحتلال الجنوب صيف عام 1994م، فقد أحد أبنائه في معركة رأس ناقل الربوة في ردفان، ومنعت قوات الاحتلال التي أسماها “القوات الشرعية” من الدخول. حينها، من التقدم نحو يافا، وبسبب تقييماته ومواقفه حينها، عانى الأمرين. طوال حياته المليئة بالتضحية والألم، حافظ على تاريخه النضالي، متواضعًا ومعتزًا بذاته، وهكذا واجه حالته المرضية – في هذا الوقت العصيب – دون الالتفات إليها أو إلى صاحبه الكريم. التاريخ الوطني.
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.