يأخذ الصراع الأوكراني الروسي منعطفات جديدة مع تسارع التطورات العسكرية والسياسية التي تعيد رسم ملامح المواجهة. ومن التصعيد الميداني إلى التحولات في المواقف والاتجاهات الدولية، يبدو أن الحرب لم تعد تقتصر على ساحات القتال فقط، بل أصبحت ساحة لصراع شامل يتقاطع فيه الاقتصاد والسياسة مع أدوات الحرب التقليدية وغير التقليدية. ويعكس هذا التداخل مدى تعقيد الأزمة وصعوبة التوصل إلى حلول فورية. وشهدت المواجهات العسكرية على الأرض تصاعداً في استخدام الأسلحة المتطورة، فيما أخذت التحركات الدولية أبعاداً أوسع، سواء من خلال دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى لضرب العمق الروسي، أو من خلال الحديث عن دعم عسكري محتمل من دول أخرى. دول مثل كوريا الشمالية بالنسبة لروسيا. وتشير هذه التحولات إلى أن الصراع أصبح جاهزاً للتوسع جغرافياً، مع تزايد احتمالات انخراط الأطراف الدولية فيه بشكل مباشر أو غير مباشر. أزمة معقدة، وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، يظل المستقبل مرهونا بقرارات الأطراف وقدرتها على تجنب التصعيد غير المحسوب، بعد أن تجاوز الصراع مجرد المواجهة الثنائية، ليصبح اختبارا لإرادة الدولتين. المجتمع الدولي لإدارة الأزمات المعقدة على مستويات متعددة، بدءا من تداعياتها الإنسانية وحتى آثارها على الأمن العالمي. واستقرار التحالفات الدولية. ورقة تصعيد: من جهته، قال الأستاذ في كلية موسكو العليا رامي القليوبي في تصريحات لـ«البيان»، إن الورقة الأساسية التي تستخدمها روسيا في التصعيد الحالي هي استهداف مواقع الطاقة الأوكرانية، مضيفاً أن روسيا تسعى إلى القضاء على نظام الطاقة في أوكرانيا بشكل نهائي، بهدف قطع الإمدادات عن الجيش الأوكراني وإضعافه على الأرض. وأوضح أن توقيت هذا التصعيد ليس عشوائيا، حيث تختار روسيا فصل الشتاء لتحقيق أقصى تأثير ممكن، مشيرا إلى أن ضرب هذه المنشآت خلال فصل الشتاء يجعل الضرر أكثر إيلاما لأوكرانيا، كما يضيف لها تحديات كبيرة في تحمل المسؤولية. إجراء الصيانة اللازمة للبنية التحتية المتضررة. وفي الحديث عن احتمال تصاعد الأمور إلى استخدام البطاقة النووية، أكد القليوبي أن هذا السيناريو غير مرجح في الوقت الحالي، رغم تعديل روسيا لمذهبها النووي، عازيا ذلك إلى ترقب روسيا لما سيؤول إليه الوضع السياسي. في الولايات المتحدة مع تنصيب دونالد ترامب، خاصة وأن إدارة الديمقراطية الحالية تعتبر “بطة عرجاء” في نظر روسيا في أسابيعها الأخيرة، وهي تسعى إلى تمرير أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى أوكرانيا قبل أن يغادرها، بهدف ترك إرث سياسي ثقيل للإدارة الجمهورية المقبلة. ويعتمد المشهد المستقبلي للصراع إلى حد كبير على القرارات السياسية والعسكرية للأطراف الفاعلة، ومدى قدرة المجتمع الدولي على فرض حلول دبلوماسية فعالة تمنع التصعيد. التحالفات سلط المحلل السياسي الروسي ديمتري بريغا، في تصريحات لـ«البيان»، الضوء على مدى تعقيد الأزمة الأوكرانية وتداعياتها المستقبلية المحتملة، في ظل تزايد التصعيد العسكري والسياسي، موضحاً أن الأزمة قد تتفاقم بشكل كبير خلال الأشهر المقبلة مع التصعيد. للعمليات العسكرية والغموض بشأن نتائج المعركة. وأشار إلى تقارير تفيد بأن كوريا الشمالية قد ترسل نحو 100 ألف مقاتل لدعم روسيا في العمليات العسكرية في أوكرانيا. وهذه الخطوة، في حال حدوثها، قد توسع نطاق الصراع وتثير تساؤلات حول التحالفات الدولية. من ناحية أخرى، ذكر أن استخدام أوكرانيا للصواريخ الأمريكية بعيدة المدى لضرب أهداف داخل روسيا، مثل محطات الطاقة والبرلمان ومراكز القيادة العسكرية، يشكل نقطة تصعيد رئيسية، لافتا إلى أن روسيا قد ترد بصواريخ مكثفة. هجمات على مدن أوكرانية، في ظل تحديث عقيدتها العسكرية، بما في ذلك تعزيز الهجمات الجوية والصاروخية، موضحة أن هناك نقاشات حول إمكانية استخدام روسيا لأسلحة نووية تكتيكية لضرب الأنفاق المستخدمة لنقل الأسلحة إلى أوكرانيا. وهذه القضية ليست جديدة، لكنها تعكس خطورة الوضع وإمكانية تورط دول أخرى في الصراع. وأضاف بريجا: “روسيا قد تستغل موارد الطاقة كوسيلة للضغط على أوكرانيا والدول الداعمة لها، خاصة في مجال الغاز والنفط”، و”الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا والدول الداعمة لها تعتبر جزءا من الاستراتيجية الروسية لإضعاف أوكرانيا وزعزعة استقرارها”.
Discussion about this post