تحل الذكرى الأولى لفيضانات درنة في ليبيا، في الوقت الذي تواصل فيه المؤسسات الحكومية والخاصة إعادة إعمار المدينة التي ضربتها فيضانات أودت بحياة الآلاف من المواطنين.
في 10 سبتمبر/أيلول الماضي، ضرب شرق ليبيا الإعصار المتوسطي “دانيال”، الذي تسبب في فيضانات غيرت معالم مدينة درنة، وخلفت وراءها دماراً واسع النطاق، ما يجعل هذه الكارثة “أسوأ” كارثة طبيعية تحدث في تاريخ البلاد.
عرض الأخبار ذات الصلة
وارتفعت حصيلة القتلى، بحسب آخر الإحصائيات، إلى 5923 على الأقل، وآلاف المفقودين وأكثر من 40 ألف نازح، إضافة إلى الدمار الهائل في شرق ليبيا، رغم تحذيرات من حدوث فيضانات قبل ثلاثة أيام من العاصفة.
تجدد الحزن
اليوم، وبعد مرور عام على الفيضانات، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد دبيبة: “في الذكرى الأولى لضحايا الفيضانات، نجدد حزننا على من فقدناهم، ونتذكر لحظات الألم والصمود”.
في حين قالت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية: “إن درنة رغم المأساة أثبتت أنها رمز الصمود ووحدة ليبيا، وقد أظهرت الكارثة قوة تضامن الشعب الليبي الذي سارع لنجدة إخوانه في درنة من كل حدب وصوب”.
وبحسب مقاطع فيديو نشرتها وسائل إعلام محلية وعربية هذا الأسبوع، فإن أعمال إعادة الإعمار مستمرة، وسط تذبذب إمدادات مواد البناء التي تحتاجها المؤسسات التي تنفذ أعمال إعادة الإعمار.
إعادة الإعمار
وعقدت مؤسسات محلية بمدينة درنة، الثلاثاء، اجتماعا ضم وجهاء من أهالي المدينة وشركات البناء العاملة، قالوا فيه إن نسبة إعادة الإعمار وصلت إلى 60 بالمئة بعد عام من الفيضانات.
وتشارك في إعادة إعمار المدينة شركات محلية وعالمية، وقالت خلال الاجتماع إنها ستسلم نحو 2000 وحدة سكنية حتى نهاية العام الجاري للأسر التي فقدت منازلها.
عرض الأخبار ذات الصلة
في حين اعتبرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أن تأثير كارثة إعصار “دانيال” والفيضانات المدمرة التي ضربت مدينة درنة والمناطق المحيطة بها في شرق البلاد “لا يزال عميقا”.
وأظهرت مقاطع فيديو حديثة شركات بناء تبني جسوراً ومباني سكنية، فيما تباينت آراء المواطنين بين تلقي الدعم “الكافي” أو “الناقص”، وأكد البعض “تأخر التسليم”، بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش.
اتهامات بالإهمال
اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته الثلاثاء السلطات الليبية بـ”الفشل” في تقديم التعويضات الكافية والدعم لإعادة الإعمار، فيما لم تعلق السلطات على التقرير بشكل فوري.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، قدر تقرير مشترك للبنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي التكلفة الإجمالية للفيضانات بنحو 1.7 مليار دولار، وهو رقم يمثل نحو 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي في ليبيا.
وذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن الفيضانات دمرت 675 كيلومترا من الطرق، و14 جسرا، ومنشآت كهربائية مختلفة، والعديد من خطوط الجهد العالي، وجزءا من شبكة معالجة المياه.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات الليبية “فشلت في تقديم التعويضات… ولم تتم محاسبة الجماعات المسلحة بعد على الفشل في الاستجابة لحالة الطوارئ التي منعت الناس من البحث عن الأمان”.
وأضافت أن “التعافي البطيء والافتقار إلى خطة استجابة وطنية يؤثران بشدة على الحقوق الاقتصادية للناجين، بما في ذلك السكن والصحة والتعليم”.
وقال الناجون من الفيضانات للمؤسسة إنهم يواجهون حواجز في الوصول إلى التعويض العادل ودعم إعادة الإعمار وسط ركود سياسي يقيد بشدة قدرة النازحين على العودة إلى ديارهم.
العمل البطيء
وقال محمد عزوز أحد سكان وسط مدينة درنة: “كان عمل الشركات بطيئا في شوارعنا، وهي المناطق الأكثر تضررا، وكان يجب أن تكون أول من يتم الاهتمام بها، خاصة أنها شهدت موتا. على الأقل لتهدئة الناس”.
بعد أن كانت مدينة درنة تهيمن عليها اللون الأبيض على خلفية زرقاء البحر الأبيض المتوسط، تحولت الآن إلى لوحة رمادية باهتة بسبب وفرة مواقع البناء والكتل الخرسانية.
عرض الأخبار ذات الصلة
ورغم الاعتراف بالجهود المبذولة لإعادة البناء، فإن خمس منظمات غير حكومية، بما في ذلك المجلس النرويجي للاجئين، أكدت أن “العديد من النازحين يعيشون في ظروف مزرية”، وأشارت إلى أن “العديد من الأسر تواجه صعوبات في تلبية الاحتياجات الأساسية”.
وأشارت المنظمات إلى أن المرافق والتجمعات الصحية تعاني من سوء مياه الشرب ومشاكل الصرف الصحي وانعدام النظافة ونقص العاملين الصحيين، مشيرة إلى أن هناك “عددا كبيرا من الأسر النازحة لا تزال بلا مأوى مناسب”.