وناقشت الندوة التي أدارها الباحث السياسي أوسان بن صدى، ثلاثة محاور رئيسية: – المحور الأول: تقييم الوضع المتصاعد في البحر الأحمر وخليج عدن بعد الضربات الأمريكية والبريطانية للحوثيين. المحور الثاني: تداعيات الضربات المستمرة على الحوثيين، وإعادة تصنيف واشنطن للجماعة على أنها “جماعة إرهابية عالمية”. – المحور الثالث: أهمية تأمين منطقة البحر الأحمر وخليج عدن والإجراءات المطلوبة.
حذر خبراء من تداعيات وتبعات التصعيد العسكري في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن نتيجة هجمات مليشيا الحوثي المدعومة من إيران على السفن التجارية، والضربات الأمريكية البريطانية التي استهدفت مواقع مرتبطة بالحوثيين في صنعاء ومدن أخرى شمالي اليمن ردا على هذه الهجمات.
جاء ذلك ضمن ندوة حوارية افتراضية نظمها مركز ساوث24 للأخبار والدراسات، أمس الثلاثاء، عبر تطبيق الاتصال المرئي (زوم)، بعنوان: “تداعيات الصراع في خليج عدن والبحر الأحمر”، شارك فيها وشارك في المؤتمر نخبة من خبراء المركز منهم: فرناندو كارفاخال، الخبير السياسي الأمريكي والعضو السابق. وفي فريق الخبراء المعني باليمن بمجلس الأمن الدولي، تضم إيمان زهران الخبيرة السياسية المصرية المتخصصة في العلاقات الدولية والأمن الإقليمي، ومارتا فورلان مسؤولة برامج الأبحاث في منظمة FTS وزميلة في مركز الجماعات المسلحة، و المدير الإقليمي لمكتب مركز جنوب 24 بعدن يعقوب السفياني.
وناقشت الندوة التي أدارها الباحث السياسي أوسان بن صدى، ثلاثة محاور رئيسية:
المحور الأول: تقييم الأوضاع المتصاعدة في البحر الأحمر وخليج عدن بعد الضربات الأمريكية والبريطانية على الحوثيين.
المحور الثاني: تداعيات الضربات المستمرة على الحوثيين، وإعادة تصنيف واشنطن للجماعة على أنها “جماعة إرهابية عالمية”.
– المحور الثالث: أهمية تأمين منطقة البحر الأحمر وخليج عدن والإجراءات المطلوبة.
المحور الأول: تقييم الوضع
ويرى فرناندو كارفاخال أن هجمات الحوثيين البحرية فرضت خيارا عسكريا على الإدارة الأمريكية للتعامل معها، لافتا إلى أن الضربات الأخيرة ضد الحوثيين بالاشتراك مع بريطانيا هي ضربات انتقامية دقيقة تهدف إلى الحد من تصعيد الحوثيين وليس تصعيدا في المنطقة. ومن أنفسهم.
وقال كارفاخال: “هناك انتقادات لإدارة بايدن لاختيارها هذا التوقيت لشن هذه الضربات في ظل الجهود السياسية المتعلقة بأزمة اليمن، لكنني أعتقد أن الحوثيين هم من اختاروا هذا التوقيت”. وأضاف: “اليسار الأمريكي التقدمي، الذي ينتمي إليه بايدن، يعارض فكرة الحرب، لكن الدبلوماسية فشلت مع الحوثيين منذ أكثر من عقد في اليمن”.
ويعارض كارفاخال ادعاءات الحوثيين بأن تصعيدهم البحري مرتبط بالحرب في غزة، مشيرًا إلى الدور الإيراني الداعم والموجه لتحركات الحوثيين الأخيرة ضد الشحن الدولي.
وتوافق مارتا فورلان على أن الدعم الإيراني للحوثيين إعلاميا وعسكريا زودهم بالقدرات اللازمة لتهديد المنطقة. وأضافت: “الحوثيون استثمار منخفض التكلفة بالنسبة لإيران، لكنهم فعالون للغاية ويسمحون لطهران بلعب دور في المنطقة”. لكن فورلان يرى أن الحوثيين يتمتعون بدرجة من الاستقلالية عن إيران تتيح لهم اتخاذ بعض القرارات.
ولا يعتقد فورلان أن إيران قد تتدخل بشكل مباشر في الصراع الدائر في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن والمنطقة بشكل عام، لكنه يفضل ذلك عبر وكلاء. مثل حزب الله والحوثيين.
وفيما يتعلق بالموقف الإقليمي تجاه تطورات البحر الأحمر وخليج عدن، تحدثت إيمان زهران من القاهرة عن الموقف المصري. وقالت إن هذه التطورات وتداعياتها، خاصة الاقتصادية، تؤثر على العالم أجمع، وليس فقط على الدول المطلة على البحر الأحمر.
وأضافت: “على الرغم من الأضرار الاقتصادية الكبيرة التي لحقت بمصر نتيجة هجمات الحوثيين وتراجع الدخل من قناة السويس، إلا أن مصر لم تشارك في مبادرة حارس الرخاء بسبب رؤيتها الخاصة لكيفية إدارة الصراع. نحن نرفض عمليات الحوثيين على المستوى السياسي، لكن القاهرة لديها نهج دبلوماسي في التعامل مع الأزمات”. .
وأشار الخبير المصري إلى أسئلة متعددة تتعلق بمبادرة حارس الرخاء التي تقودها الولايات المتحدة. وتساءلت عن جدوى هذه الضربات في ظل وجود فرق عمل دولية مشتركة معنية بحماية الملاحة في هذه المنطقة منذ سنوات. وأضافت: “كما أننا نرى في هجمات الحوثيين دعما لغزة، ولدينا موقف ثابت داعم للقضية الفلسطينية”.
وبالنسبة ليعقوب السفياني، فإن الضربات الأمريكية البريطانية على الحوثيين تأتي بعد استنفاد الولايات المتحدة وسائل الضغط الأخرى لوقف هجمات الميليشيات البحرية. وأضاف: “على مدى السنوات الماضية، كان الحوثيون محصنين تمامًا ضد الهجمات الجوية السعودية، لكن الاختلافات الكبيرة بين القدرات العسكرية والاستخباراتية لواشنطن والرياض تشير إلى أن الحوثيين يتعرضون للأذى أو يمكن أن يتضرروا من الضربات”.
وأشار السفياني إلى أن السؤال الصحيح الذي يجب طرحه حول هذا الأمر هو ما حجم الضرر الذي تريد الولايات المتحدة إلحاقه بالحوثيين. ويعتقد أن واشنطن لا تريد تغيير واقعها العسكري، مما قد يؤثر على دور الحوثيين داخل اليمن.
المحور الثاني: التداعيات
وفي المحور الثاني للندوة قال يعقوب السفياني إن الجهود السياسية المتعلقة باليمن تمر بأزمة بسبب تطورات البحر الأحمر وخليج عدن. وأضاف: “هذه الجهود، التي هي في الأساس محاولات للتوصل إلى اتفاق حوثي سعودي، مجمدة في أقل الحالات سوءا”.
وحذر السفياني من استغلال الحوثيين للظروف الراهنة للتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن مطالب تتعلق باليمن غير الحرب على غزة، خاصة قبل دخول قرار تصنيف الحوثيين على القائمة الأمريكية للإرهاب حيز التنفيذ.
وترى مارتا فورلان أن الحوثيين يستغلون هجماتهم في البحر الأحمر لتصعيد المطالب المطروحة على طاولة المفاوضات مع السعودية، وتعزيز موقفهم. وأضافت: “السعودية في وضع صعب اليوم. هناك عملية بالقرب من حدودها، ومن الصعب على الرياض أن تنحاز إلى الولايات المتحدة وإسرائيل في أي عمل عسكري ضد الحوثيين”.
ويرى فورلان أن الموقف السعودي في المنطقة اليوم ضعيف مقارنة بالموقف الإيراني. مشيراً إلى رغبة المملكة في تعزيز اقتصادها والتفرغ لمشاريعها في هذا الاتجاه. وفيما يتعلق بالوضع الدولي، قال فورلان: “يبدو أن الصين تتابع كل هذه الأحداث بترقب، وتشعر بالقلق إزاء توقف طرق الشحن عبر البحر الأحمر”.
وفيما يتعلق بالمخاطر الاقتصادية والإنسانية لاستمرار تصعيد الحوثيين، لا يستبعد فرناندو كارفاخال أن يطمح الحوثيون للسيطرة على باب المندب للحصول على مكاسب اقتصادية من طريق الشحن الدولي عبر هذا المضيق. وأضاف: “ابتزاز الحوثيين لشركات الشحن أمر وارد”.
وأشار كارفاخال إلى أن الصين تتأثر فعليا بهجمات الحوثيين على الشحن الدولي، إضافة إلى الضرر الذي لحق بصورة الصين السياسية في المنطقة بعد أن استمرت بكين خلال العامين الماضيين في تصوير وجودها الكبير المفترض في المنطقة. مضيفا: “الصينيون غائبون اليوم عن هذه الأحداث”. ويختلف الخبير الأمريكي في أن الحوثيين يشنون هجمات بحرية من أجل غزة.
وأشار كارفاخال إلى أطماع الحوثيين في الغاز والنفط في جنوب اليمن، وأشار إلى موقف المجلس الانتقالي الجنوبي الرافض لذلك.
وأكدت إيمان زهران أن مصر تتأثر اقتصاديا من هجمات الحوثيين، لكنها وصفت هذا الأمر بأنه “مؤقت لحين استعادة الاستقرار في المنطقة”. وأضافت: “لقد تلقى الشحن الدولي ضربة جديدة للاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى مشاكل سلسلة التوريد والمشاكل الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية”.
المحور الثالث: الإجراءات المطلوبة
وعن الإجراءات المطلوبة لمعالجة الوضع الراهن، قالت إيمان زهران: “مصر لها مساراتها وحركاتها واتصالاتها على مستوى دول مثل السعودية وإيران والإمارات، وعلى مستوى الجهات الفاعلة دون دول مثل الإمارات”. الحوثيون”.
وأضافت: “أعتقد أن الحوثيين سيتاجرون بوقف هجماتهم البحرية مقابل مطالب سياسية تتعلق بالأزمة في اليمن”. ولا ترى الخبيرة المصرية أن مبادرة حارس الازدهار التي تقودها الولايات المتحدة لها تأثير على الحوثيين، إضافة إلى الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية التي وصفتها بـ”ضربات الهامش”.
لا تعتقد مارتا فورلان أن الضربات الأمريكية البريطانية ضد الحوثيين كافية لردعهم عن مواصلة هجماتهم البحرية. وأضافت: “هذه الضربات قد تكون عاملاً مساهماً في نشر الدعاية الحوثية رغم ضعف فعاليتها العسكرية”. وأشار فورلان إلى أن هجمات الحوثيين مثلت فرصة كبيرة لهم لحشد الدعم الشعبي والهروب من الأزمات الداخلية التي يعاني منها الحوثيون.
وفيما يتعلق بإعلان الحوثيين أن هجماتهم البحرية ستتوقف إذا توقفت الحرب على غزة، قال فورلان إنه لا يمكن التحقق من ذلك الآن قبل توقف المواجهات بين حماس وإسرائيل. وأضافت: “قد يستغرق الأمر بعض الوقت”.
بالنسبة لكارفاخال، تمثل الأحداث الأخيرة في البحر الأحمر انتصارًا للحوثيين. وأضاف: “استمرار سيطرة الحوثيين على صنعاء والحديدة يجعل تهديداتهم للبحر الأحمر وباب المندب مستدامة”.
وفيما يتعلق بالدور الذي يمكن أن تلعبه الأطراف اليمنية المناهضة للحوثيين في هذا الملف، قال كارفاخال إن الولايات المتحدة لا تستطيع دعم أي من هذه الأطراف بسبب تشرذم المجلس الرئاسي اليمني. وأضاف: “الولايات المتحدة لا تستطيع تسليم أسلحة لطرف محدد، إذ لا تزال السعودية تمسك بزمام الملف اليمني”.
ويعتقد كارفاخال أن استهداف قدرات الحوثيين الصاروخية والجوية، التي لا يمتلكها خصومهم المحليون، من خلال الضربات الأمريكية، قد يجعل الحوثيين أضعف مما كانوا عليه.
ويرفض يعقوب السفياني فكرة أن يكون التصعيد البحري للحوثيين من أجل وقف الحرب على غزة، كما تقول الجماعة اليمنية، مشيرًا إلى سجل الحوثيين في أعمال القرصنة البحرية خلال الفترة الأخيرة. وتطرق إلى الأنشطة العسكرية للحوثيين قبل أحداث 7 أكتوبر، مثل اختبارات الصواريخ والزوارق البحرية في يوليو 2023، وتصريحات وزير دفاع الحوثيين آنذاك محمد العطفي، بشأن ما وصفه بـ ” التواجد غير القانوني للاحتلال الأجنبي في المياه الإقليمية اليمنية”.
ويرى السفياني أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الطرف المحلي الأكثر شجاعة في طرح فكرة مواجهة هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية، بحماس أقل من قبل الأطراف اليمنية داخل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا. لكن الاعتراف بمطالب الجنوبيين بدولة مستقلة، ودعم القوات الجنوبية بالسلاح والخبرة، هو ما يعتقد السفياني أنه يجب أن يكون العودة.
Discussion about this post