بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الموافق 10 ديسمبر، أصدرت جمعية ضحايا التعذيب بجنيف تقريرها السنوي حول الانتهاكات التي طالت الناشطين في المجالين السياسي والمدني في تونس، الذين انتفضوا ضد الإجراءات الاستثنائية أعلنه رئيس الجمهورية قيس سعيّد في 25 يوليو 2021. ووثّق التقرير إجمالي عدد الإحالات القضائية والسجنية في جدول تفصيلي ربط أسماء الضحايا بالتهم الموجهة إليهم والمدة التي قضوها في السجن. السجن.
انتهى التقرير الذي حصلت عليه
“عرب تايم” وتبين بحسب نسخة منه أن غالبية الإحالات القضائية والأحكام بالسجن تمت على خلفية المرسوم رقم 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتعلقة بأنظمة المعلومات والاتصالات. إضافة إلى عشرات القضايا التي استهدفت الصف الأول من المعارضة التونسية وصحفيين ومقدمي برامج تلفزيونية وشخصيات اعتبارية بينهم رؤساء ووزراء سابقون، وعلى رأسهم الدكتور محمد منصف المرزوقي رئيس الجمهورية الأسبق، والشيخ راشد الغنوشي رئيسة البرلمان التونسي، ورد اعتراف رسمي على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية بمناسبة حديثها عن… كشف العفو الرئاسي الخاص الصادر بمناسبة 25 يوليو 2024 “المجزرة” التي استهدفت حرية الرأي والتعبير خلال السنوات الثلاث الماضية. وأفادت صفحة رئاسة الجمهورية على “فيسبوك” أن العفو الخاص شمل 1727 محكوماً، ما أدى إلى الإفراج الفوري عن 233 منهم! وذُكر حينها أن “العفو استهدف تحديداً المدانين في قضايا تتعلق بنشر تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي، باستثناء المدانين بجرائم أخرى لا علاقة لها بالتعبير الرقمي”.
كما تضمن التقرير السنوي لجمعية ضحايا التعذيب في جنيف رصد عدد الانتهاكات والجرائم المرتكبة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، والتي تزايد نمطها ونوعيتها بشكل ملحوظ منذ 7 أكتوبر 2023. جريمة غير مسبوقة أكدتها المحكمة الجنائية الدولية قرار المحكمة بإصدار بطاقة استدعاء دولية بحق مجرمي الحرب نتنياهو. ووزير الدفاع السابق جالانت. وتتلخص الجرائم والانتهاكات التي ترتكب بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في معتقلات وسجون الاحتلال، في كل من قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، في العناوين التالية: إبقاء كافة المعتقلين ومراكز الاحتجاز في غزة عرضة للاختفاء القسري. ويتعمد جنود الاحتلال خلع ملابس الأسرى عند نقلهم من معتقلات إلى معتقلات أخرى. وأصبح الفحص الأمني أداة إذلال وتنكيل للسجناء، بما في ذلك الضرب المبرح، وانتهاج إدارات السجون ومراكز الاحتجاز سياسة التجويع الممنهج، واحتجاز جثث السجناء، والإعدام الميداني للمعتقلين.
“صالح في ثمود” يواجه “القوم المتآمرين”!
يفضح التقرير السنوي لجمعية ضحايا التعذيب ومقرها جنيف ما أصبح يعرف إعلاميا في تونس بقضية “التآمر على أمن الدولة” – التي اتهم فيها زعماء المعارضة السياسية: عصام الشابي، جوهر بن مبارك، عبد الحميد الجلاصي، خيام التركي، البروفيسور غازي الشواشي، والأستاذ رضا بلحاج، بالإضافة إلى المتهمين. وفي حالة الإفراج: الأستاذان لزهر العكرمي وشيماء عيسى. واعتبر التقرير قضية “التآمر على أمن الدولة” دليلا قاطعا وقاطعا على واحدة من أكبر القضايا التي شملت حساسيات سياسية مختلفة. ورغم أن الاعتقالات على ذمة القضية بدأت في فبراير 2023، إلا أن العمل القضائي فيها لا يزال متوقفا ولم يتم قبول طلبات الإفراج التي تقدم بها محامو المتهمين.
وتجري التحقيقات في القضية المذكورة مع إجمالي 21 شخصا، بينهم شخصيات معارضة ومحامون ورجال أعمال. ويجري التحقيق معهم بموجب 10 فصول من المجلة الجزائية التونسية، من بينها الفصل 72 الذي ينص على عقوبة الإعدام لكل من يحاول “تغيير جسم الدولة”. كما يواجهون عدة تهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2015، والذي تنص المادة 32 منه على عقوبة السجن لمدة تصل إلى 20 عامًا على “المؤسسين للتنظيمات أو التحالفات الإرهابية”. والغريب أن حزمة التهم الموجهة للمتهمين لا تأتي إلا على خلفية ممارستهم لحقوقهم الطبيعية في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، وهي كلها حقوق يكفلها القانون التونسي ويحميها. بموجب المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان. والشعوب التي صدقت عليها الدولة التونسية.
كما أن راشد الغنوشي رئيس البرلمان لدورة 2019-2024 المنحل في 25 يوليو 2021 ورئيس حركة النهضة أكبر حزب تونسي، يخضع للمحاكمة في أكثر من قضية ملفقة ويقبع في السجن منذ ذلك الحين. أبريل 2023. إلى جانب الغنوشي، هناك قيادات أخرى من حركة النهضة في السجن، أبرزهم: علي العريض، رئيس الوزراء الأسبق و نائب رئيس الحركة العجمي الوريمي، الأمين العام لحركة النهضة، الدكتور منذر الونيسي، عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس الشورى، محمد القلاوي، محمد الجميعي، رياض بالطيب، السيد الفرجاني، الشيخ حبيب اللوز، وأحمد العماري.
الشعبوية تنغمس في الإبادة السياسية
ويقول التقرير إن ثلاث سنوات كانت كافية لكشف حقيقة “الإجراءات التصحيحية الاستثنائية” التي أعلنها قيس سعيد في 25 يوليو 2021، وما خبأته شعاراته الشعبوية التي أخفتها. ورغم أن السبب الرئيسي هو انتشار الحالة الوبائية الناجمة عن انتشار كورونا وتضاعف أعداد الوفيات، إلا أن المسارعة إلى حل البرلمان وتعليق العمل بدستور 27 يناير 2014 والذهاب إلى الانتخابات التشريعية يوم أساس التصعيد الشعبي الذي كان يبشر به قيس سعيد في حله ورحيله منذ 2011، مرورا بحل مجلس القضاء الأعلى وتسمية هيئة انتخابية موالية له، وتظاهر في بما لا يتعارض معه قال عنزان إن الهدف الأساسي من وراء كل ذلك كان ولا يزال هو إسقاط التجربة الديمقراطية ومؤسساتها الناشئة.
ويضيف التقرير بالقول إن “عملية الإعدام السياسي الشامل والفحشاء في الإضرار برموز النضال الوطني والديمقراطي ورجمهم بتهمة التآمر على أمن الدولة، وإحالتهم قضائيا افتقرت إلى الحد الأدنى من مقومات المحاكمة العادلة، ساهمت في كشف حقيقة “النظام الانقلابي” وأداته الشعبوية. وألقي بالمئات منهم في السجون، في أكبر وأوحش عملية إبادة سياسية منذ بداية الألفية الثانية. بل إن ما يميز هذه الإبادة الجماعية عن تلك التي أطلقها الرئيس الراحل بن علي ضد المجتمع مطلع التسعينيات هو استهدافها للمجتمع السياسي والمدني برمته. إبادة سياسية تذكرنا بما فعله أنور السادات بمصر في أوائل الثمانينيات. وكان من الطبيعي أن يؤدي الاستهداف الشامل لمعارضي سلطة الأمر الواقع ومن يختلف معها في الرأي إلى تصحر الساحة السياسية ويقطع الطريق أمام كل منافس انتخابي جدي يهدد مشروع “المبايعة” الرئاسي. خلال انتخابات أكتوبر 2024.
الحكم على منافس سعيد الرئاسي بالسجن 37 عاما!
ويذكرنا التقرير بالملاحقات القضائية غير المسبوقة التي تعرض لها العياشي الزاملي، المرشح الرئاسي الحاصل على 7.4 بالمئة من أصوات الناخبين والنائب في مجلس النواب 2019-2024 ورئيس “حركة أزمون”. ويتعرض له، إذ لا يزال أمامه شهرين كاملين على انتخابات السادس من مايو الجاري. أكتوبر 2024، تمت محاكمته في 37 قضية منفصلة في كل محافظة من ولايات الدولة لأسباب متشابهة، ويبلغ إجمالي الأحكام الصادرة بحقه 35 عاماً!
ورغم أن السلطات نجحت في قطع الطريق أمام منافسين جديين، واحتفظت بمنافسين فقط لقيس سعيد: زهير المغزاوي، الأمين العام للحركة الشعبية الداعمة للانقلاب ومؤسساته، والعياشي الزمال، رغبته وإلغاء الحد الأدنى من المنافسة دفعها إلى إدانة العياشي الزمال وحبسه بتهمة تزوير توصيات. انتخابياً، رغم إدراجه ضمن القائمة النهائية لانتخابات 6 أكتوبر من قبل مفوضية الانتخابات. وفي الوقت الذي كان قيس سعيد يستخدم أدوات الدولة والإدارة في حملته الانتخابية، كان المرشح عياشي الزمل يتنقل بين المحاكم والمعتقلات والسجون في أكثر من منطقة وولاية، في حملة تعذيب وانتهاكات غير مسبوقة.
بطاقة جلب دولية وأحكام بالسجن في حق منافسي سعيد على الرئاسة
لم تكتف السلطات في تونس بإقصاء ثلاثة مرشحين للانتخابات الرئاسية، قضت المحكمة الإدارية بإجبارهم على القائمة النهائية للانتخابات الرئاسية أكتوبر 2024، بل لاحقتهم أيضا في أكثر من قضية. وصدرت بطاقة استدعاء دولية بحق الدكتور منذر الزنايدي بتاريخ 4 أكتوبر 2024، على خلفية نشره مداخلات مسجلة على شبكات التواصل الاجتماعي تفضح تزوير المناخ الانتخابي. هذا كمرشح مستبعد سياسياً ومتضرر بشكل مباشر من التعديل المتسرع لقانون الانتخابات. واعتبرت النيابة العامة التدخلات الإعلامية للمرشح الرئاسي منذر الزنايدي بمثابة “إشاعة الفوضى والرعب بين المواطنين وإحداث بلبلة وتعطيل سير العملية الانتخابية والإضرار بهيبة الدولة ومؤسساتها”.
وفي نفس سياق المضايقات التي يتعرض لها مرشحو الرئاسة، قضت غرفة الغرفة بالمحكمة الابتدائية بتونس غيابيا بالسجن سنة ونصف في حق المرشح الرئاسي المستبعد عماد الدايمي بتهم تتعلق بـ”إسناد أمور غير صحيحة لموظف عمومي دون تقديم ما يثبت صحة ذلك وإهانة الآخرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي”. وفي ما يتعلق بالدكتور عبد اللطيف المكي، قضت غرفة الاستئناف بتونس في 10 سبتمبر/أيلول، وقضت محاكمة غيابية ضده في 2024، بالموافقة على الحكم الابتدائي الذي قضى بحبسه ثمانية أشهر ومنعه من الترشح مدى الحياة بتهم كيدية تتعلق بـ”فبركة توصيات للترشح للانتخابات الرئاسية”. “.
إقرأ أيضاً: منظمة حقوقية: السلطات التونسية تواصل تجريم الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير