في احتفالية غير مسبوقة، شهدت مدينة سيئون بحضرموت مؤخراً مظاهرة حاشدة بمناسبة الذكرى الحادية والستين لثورة 4 أكتوبر 1963. وتجمع مئات الآلاف من المواطنين الجنوبيين في مشهد يعكس وحدة الصف الجنوبي والإصرار على تحقيق الاستقلال. وهذا الحدث، الذي جاء في وقت كان البعض يشكك في ولاء حضرموت للجنوب، أثبت مرة أخرى أن الإرادة الشعبية أقوى من أي تكهنات أو محاولات تهميش.
سيئون، التي طالما اعتبرها الكثيرون حيادية أو حتى مشكوك في ولائها للجنوب، هي القلب النابض لحضرموت. إلا أن التجمع الضخم الذي شهده هذا المكان فاجأ بشكل كبير القوات اليمنية التي كانت تأمل في إضعاف الجنوب.
وارتكزت هذه القوى على افتراض أن حضرموت، بتنوعها الديموغرافي والسياسي، ستكون عرضة للضغوط الاجتماعية والاقتصادية. لكن المليونية الجنوبية التي اعتنقها سيون لم تكن مجرد حدث عابر؛ بل كانت رسالة قوية لكل من يشكك في الولاء للجنوب.
إن الإرادة الجنوبية التي تجلت في هذا الحدث تؤكد أن الضغوط السياسية والاقتصادية، وسياسات الإخضاع التي تمارسها الحكومة اليمنية الشرعية في محاولة لإثناء شعب الجنوب عن حلمه في استعادة دولته، أدت إلى عكس ذلك تماماً. نتائج. وبدلاً من دفع الشعب الجنوبي إلى التراجع، زادت هذه السياسات من إصراره وصموده لتحقيق استقلاله. بل ويمكن القول إن هذه السياسات حولت العديد من الجنوبيين، الذين كانوا في السابق محايدين أو يفضلون الوحدة مع الشمال، إلى مؤيدين للانفصال واستعادة الهوية الجنوبية.
ولخصت تظاهرة سيئون معاناة العديد من المواطنين الجنوبيين الذين يعانون من أزمات متعددة تتراوح بين الخدمات الأساسية ومواجهة الفلتان الأمني. إن انعدام الأمن وحرمان الناس من حقوقهم الأساسية، إضافة إلى قضايا الفساد ونهب الثروات، كلها عوامل أدت إلى اتساع الفجوة بين شعب الجنوب وسلطات الاحتلال الحاكمة. ولم تكن التظاهرة مجرد تعبير عن الرغبة في الاستمرار على طريق الاستقلال، بل كانت صرخة في وجه التهميش والوقوف ضد كل السياسات الظالمة.
ويمثل هذا الحدث اختبارا حقيقيا لمختلف قوات الاحتلال، إذ يظهر أن محاولاتها لتنفيذ أجندتها التكتيكية لا يمكن أن تنجح في مواجهة إرادة الشعب. لقد أصبحت حضرموت الآن رمزاً للإرادة الجنوبية، كما تشكل نقطة انطلاق لتحقيق الأهداف الوطنية.
وفي الختام فإن مليونيرات الجنوب في سيئون يعكسون روح الجماهير وإرادتها القوية، ويجسدون الإصرار والصمود لتحقيق هدف استعادة الهوية الجنوبية. وكما أظهر هذا الحدث، فإن قوات الاحتلال اليمنية لن تتمكن من كسر إرادة الشعب الجنوبي. بل إن محاولاتهم لإخضاع هذا الشعب ستؤدي إلى المزيد من الإخفاقات ومزيد من تعزيز الروح الوطنية الجنوبية. إن الطريق إلى الاستقلال ليس سهلا، ولكن مع مثل هذه المشاركة العامة يصبح ممكنا وأكيدا.
Discussion about this post