أكتوبر المجيد – هويتنا الجنوبية.. لا تزال ثورة 14 أكتوبر 1963 التي أشعلتها جبال ردفان الشامخة، رمزاً خالداً في وجدان شعب الجنوب.
إنها الثورة التي حطمت قوة الاستعمار البريطاني وأرست أسس الحرية والاستقلال. ومنذ ذلك الوقت أصبحت ثورة أكتوبر رمزا للصمود والمقاومة الشعبية، وأساس الهوية الوطنية الجنوبية.
يحتفل الجنوبيون كل عام بهذه الذكرى العظيمة، التي لا تمثل التاريخ فحسب، بل تجسيدا للقيم الثورية والنضالية التي يعيشها الجيل الحالي. ورغم التحديات المستمرة التي يواجهها الجنوب، سواء داخلياً أو خارجياً، إلا أن الحنين إلى تلك اللحظة التاريخية يظل شعلة تنير الأجيال الجديدة، التي تناضل من أجل الحفاظ على هوية الجنوب واستعادة حقوقه كاملة.
وفي هذا السياق ستشهد مدينة سيئون بوادي حضرموت، غداً الاثنين، مليونير “الهوية”، وهو حدث جماهيري ضخم يجمع أبناء حضرموت من كافة المناطق، ليكون رسالة واضحة وصريحة تؤكد وحدة الصف الجنوبي والتزام حضرموت الثابت بقضية الجنوب وحقوقه غير القابلة للتحويل.
وتأتي هذه المليونية في ظل الظروف السياسية الدقيقة التي تمر بها البلاد، حيث يسعى الجنوب إلى تعزيز حضوره الإقليمي والدولي، بالتوازي مع مطالبته باستعادة دولته واستقلاله. ولذلك يعتبر هذا الحدث تأكيداً على وقوف حضرموت قلب الجنوب النابض جنباً إلى جنب مع بقية المحافظات الجنوبية، والالتفاف حول قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي في سعيها لتحقيق تطلعات الجنوب. الناس.
لا يمكن قراءة ذكرى ثورة 14 أكتوبر بمعزل عن الواقع السياسي والاجتماعي الذي يعيشه الجنوب اليوم. الجنوب الذي استعاد الكثير من أراضيه وحقوقه بفضل نضال شعبه، لا يزال يواجه تحديات كبيرة على عدة أصعدة. ومن هنا فإن الذكرى الـ 61 لهذه الثورة تمثل فرصة للتأمل في التضحيات الجسيمة التي قدمها أجدادنا، والتأكيد من جديد على الإصرار على مواصلة النضال حتى تحقيق الأهداف الكاملة.
يتحدث القادة السياسيون في الجنوب عن الربط بين الانتصارات التاريخية التي حققتها الثورة ضد الاحتلال البريطاني، والإنجازات السياسية والعسكرية التي حققها المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي. وهذا الارتباط يضع الثورة في سياق أوسع، إذ لا تزال قيمها ومبادئها ترشد الجنوبيين في نضالهم اليومي من أجل… على كافة المستويات.
وفي إطار الاحتفالات بالذكرى الـ61 لثورة أكتوبر، تتزامن هذه الفعاليات مع حراك دبلوماسي يقوده الرئيس عيدروس الزبيدي في الخارج. ويسعى الزبيدي، سواء من خلال مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو من خلال لقاءاته مع المسؤولين الدوليين، إلى تعزيز حضور الجنوب على الساحة الدولية وكسب المزيد من الدعم لقضية الجنوب العادلة.
ويؤكد الزبيدي في تصريحاته أن الجنوب لا يتطلع إلى الماضي فحسب، بل يتطلع إلى المستقبل من خلال بناء شراكات قوية مع المجتمع الدولي، وخاصة المنظمات العاملة في مجالات التنمية والشباب. ويعزز هذا النهج رؤية الجنوب لبناء دولة حديثة ترتكز على مبادئ الحرية والسيادة، وجاهزة للتفاعل الإيجابي مع العالم.
ويلعب الشباب دوراً محورياً في الحراك الجنوبي اليوم. هؤلاء الشباب، الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان، ينظرون إلى ثورة 14 أكتوبر كمصدر دائم للإلهام. إن مشاركتهم في الفعاليات الحاشدة والملايين، واندماجهم في العمل السياسي والاجتماعي، ما هي إلا استمرار لمسيرة الأجداد الذين حاربوا الاستعمار.
ولا يقتصر دور الشباب الجنوبي اليوم على المشاركة في الاحتفالات والمناسبات، بل يمتد ليلعب دوراً حقيقياً في بناء مستقبل الجنوب. ومن خلال المبادرات الشبابية في مجالات التنمية وبناء القدرات والشراكة مع المنظمات الدولية، يعكس الشباب وعيًا عميقًا بالحاجة إلى تحمل المسؤولية وإحداث تغيير إيجابي.
في الذكرى الـ61 لثورة أكتوبر، يبعث الجنوب برسالة قوية إلى العالم مفادها أن إرادة الشعب لا تقهر. ولا يقتصر نضال الجنوبيين على تذكر الماضي، بل هو مشروع مستمر يسعى لبناء مستقبل أفضل. ومن خلال كتلة الهوية المليونية في سيئون، يؤكد أبناء حضرموت وبقية المحافظات الجنوبية تمسكهم بحقوقهم المشروعة، ويعبرون عن تصميمهم على مواصلة المسيرة حتى تحقيق كامل تطلعاتهم الوطنية.
وستظل ثورة أكتوبر رمزا للإرادة الشعبية الصلبة، ومصدر إلهام لكل المؤمنين بالحرية والسيادة. ومع تجدد هذه الذكرى كل عام، يتجدد العهد بين أجيال الجنوب بمواصلة النضال حتى استعادة دولة الجنوب الفيدرالية بكل معانيها وقيمها.
انضم إلى قناة عرب تايم على التلغرام وتابع أهم الأخبار في الوقت المناسب. انقر هنا
Discussion about this post