وقال رون بن يشاي، المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، إن عملية تصفية القيادة العليا لحزب الله، بقيادة نصر الله، لم يكن من الممكن أن تتم دون معلومات استخباراتية دقيقة.
وأضاف في مقالته أن هذه المعلومات لم تحدد فقط الموقع العام للمجمع تحت الأرض الذي كانوا يتواجدون فيه، بل عرفت أيضا متى يجب إطلاق عشرات الذخائر، بما فيها القنابل الخارقة للتحصينات، للقضاء على نصر الله وكبار قادته.
ليس هذا فحسب، بل كان على الاستخبارات أن تحدد بدقة عمق وموقع غرفة الاجتماعات في المجمع تحت الأرض في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث كان نصر الله ومساعدوه يجتمعون لصياغة استراتيجية لمواصلة الحرب، بحسب الكاتب.
وأوضح أن هذه المعلومات الاستخبارية هي التي أتاحت التحديد الدقيق لزاوية وارتفاع القنابل بحيث تخترق وتنفجر بالعمق الصحيح ضمن نظام الغرف المستهدفة بما فيها غرفة الاجتماعات، مشيراً إلى أن هذه الدقة تحققت بفضل سلسلة من العمليات الاستخباراتية التي بدونها كنا سنظل نبحث في الظلام. وكانت طائرات سلاح الجو تبحث عبثاً عن «اصطياد منصات الإطلاق».
عرض الأخبار ذات الصلة
ويمكن القول، بحسب الكاتب، إن كل ما نشهده في لبنان منذ الثلاثاء الماضي هو نتيجة حملة استخباراتية مستمرة منذ سنوات. ونتائجه “الحركية” هي تصفية قيادة حزب الله والتدمير المنهجي لترسانته من الصواريخ والطائرات المسيرة. في الواقع، هذه الحملة لها ثلاث طبقات: طبقتان استخباراتيتين غامضتين، وطبقة حركية جوية يمكننا من خلالها رؤية تنفيذها ونتائجها. وهناك أيضًا طبقة استخباراتية رابعة، وهي القدرة على التقييم الدقيق ومعرفة ما حققته الضربة الجوية.
وأضاف أن المعلومات الاستخبارية الدقيقة التي تم إدخالها إلى حواسيب الطائرات والذخائر تم جمعها من قبل شعبة المخابرات في الجيش الإسرائيلي، وخاصة الوحدة 8200 المتخصصة في التنصت وجمع المعلومات بالوسائل الإلكترونية.
إلى جانب ذلك، هناك معلومات من الوحدة 9900، المسؤولة عن الاستخبارات البصرية والموقع الدقيق للأهداف، والوحدة 504، التي تدير العملاء وتوجه السكان اللبنانيين لتجنب الأذى، بحسب بن يشاي.
وذكر أنه في ظل البنية الاستخبارية التي توفرها شعبة الاستخبارات، هناك أساس أنشأه الموساد، والذي لولاه لم تكن وحدات استخباراتية مثل 8200 لتتمكن من أداء مهامها وتنفيذ عمليات التصفية بنجاح كما نراها اليوم في لبنان.
وبحسب مصادر موثوقة في الأمن الإسرائيلي، فإن الموساد بدأ التخطيط للحملة ضد حزب الله منذ أكثر من عقد من الزمن، مضيفة: “لقد درسوا نقاط القوة والضعف لدى حزب الله، وبدأوا بتنفيذ سلسلة من العمليات الاستخباراتية على الأرض التي شكلت الأساس لما قام به الجيش الإسرائيلي”. وما يفعله الجيش الإسرائيلي اليوم”.
وأشار إلى أن هذه العمليات الاستخباراتية تعززت منذ حرب لبنان الثانية عام 2006، إذ أن الموساد هو الذي مكّن سلاح الجو الإسرائيلي من تنفيذ عملية “الوزن النوعي” التي دمرت صواريخ “زلزال” الثقيلة التي كانت لدى إيران. تم تسليمها لحزب الله.
وبحسب مصدر أمني سابق، فإن الحملة الاستخباراتية الحالية تفوق بكثير الإنجازات الاستخباراتية في تلك الحرب.
استخدم الموساد في هذه الحملة أحدث التقنيات التكنولوجية، لكن قوته في نهاية المطاف كانت في تشغيل الأشخاص على الأرض الذين نسجوا الشبكة التي يجمع من خلالها الجيش الإسرائيلي المعلومات التي تحولت إلى أهداف للقصف في الوقت المناسب.
عرض الأخبار ذات الصلة
وذكر أنه ليست «المعلومات الذهبية» هي التي سمحت بتصفية نصر الله، بل البنية الاستخباراتية هي التي سمحت لرئيس الأركان ووزير الدفاع ورئيس الوزراء باتخاذ قرار تصفية نصر الله الأسبوع الماضي. وكانوا يعلمون أن الهيكل الاستخباراتي الذي أعده الموساد سيوفر لهم الزمان والمكان المناسبين. لذا.
ونسبت مصادر أجنبية التفجيرات التي ضربت أجهزة الاستدعاء وأجهزة الاتصالات الأسبوع الماضي إلى الموساد، ودون الخوض في صحة ذلك يمكن القول إن هذه التفجيرات كانت نتاج عملية معقدة استمرت لسنوات عبر عدة قارات.
كما يمكن الافتراض أن عمليات الموساد في إطار الحملة الطويلة ضد حزب الله هي التي تمكن الجيش الإسرائيلي من القيام بعمليات تصفية متواصلة وتصعيد السيطرة كما يشاء، بحسب الكاتب.